كَثر الحديث في الآونة الأخيرة حول التدخّل السوري المباشر في الانتخابات النيابية. حديث ينطلق مَبنياً على الانفتاح العربي على سوريا بعد سنوات طويلة من الحرب التي فرضت انقطاعاً عن العالم.
تصوّب الحملات على أنّ الدولة السورية تسعى لإعادة الاستئثار بالقرار السياسي اللبناني كما في فترة ما قبل العام ٢٠٠٥، وذلك عبر دعم اكثر من جهة في الانتخابات النيابية المقبلة. هذا الأمر يُعيده مرَوّجُه إلى أن الجانب السوري يسعى للحصول على أكثرية نيابية توصل رئيسًا قريبًا من سوريا إلى القصر الجمهوري، كون هذه المرحلة تتطلّب تقاربًا لبنانيًا سوريًا يعيد إدخال سوريا إلى التفاصيل اللبنانية كما في زمن الوصاية.
أجواء دمشق بعيدة عن هذه القراءة بعض الشيء، لا بل تتعارَض مع كثير من تفاصيلها والزوايا التي تُقرأ منها. فبحسب المعلومات فإنّ القيادة السورية أبلغت الى أكثر من شخصية طرقت بابها في الأشهر الثلاثة الاخيرة، أنّها لن تتدخّل بالتفصيل في الانتخابات النيابية، لا على صعيد اللوائح ولا صعيد التسميات ولا حتى على صعيد تقريب وجهات النظر بين حلفائها المتخاصمين، وأن هذا الأمر هو قرار صادر عن رأس القيادة وليس نتيجة اي استنتاجات او تجاذبات.
في هذا الاطار تنفي المعلومات أن تكون القيادة السورية قد تدخّلت في سحب أي مرشّح لمصلحة آخر، أو في فرض أي شخصية على لوائح حلفائها، أو أنها تسعى الى تشكيل كتلة في المجلس النيابي الجديد.
وبحسب المعلومات، فإنّ كل ما حصل في الآونة الاخيرة كان نتيجة اجتهاد شخصي من شخصية ديبلوماسية سورية أنذَرتها القيادة بعدم التدخّل في مواضيع الانتخابات مجدّدًا.
كل ما سبق لا ينفي بتاتًا نيّة القيادة السورية ورغبتها بجَمع حلفائها معًا مجددًا، وهي كانت في وقت سابق قد أوعَزت لوسطاء بضرورة جَمع المتخاصمين من دون تدخّل مباشر منها، وهو الأمر الذي لم ينجح انتخابيًا ولكن معالم نجاحه السياسي بدأت تتكوّن.
وبحسب مصدر سياسي سوري فإنّ القيادة السورية تعتبر انّ انتصار حلفائها في الانتخابات هو كفيل بتشكيل ضمان سياسي لها، وبالتالي لا حاجة الى تكوين كتلة نيابية لا تقدّم ولا تؤخّر في الشكل ولا في المضمون.
وتشير أجواء دمشق الى أن مرحلة ما بعد الانتخابات ستكون مفصلية بالنسبة الى اعادة تطبيع العلاقات اللبنانية ـ السورية بمقدار اكبر، وأنّ ابواب سوريا ستكون مشرّعة امام الحكومة اللبنانية في مجالات عدّة وخصوصاً في مجالات التعاون في قطاعي الزراعة والصناعة.
أمّا في ملف عودة النازحين، فيعتبر المصدر أن تأخير إتمام الملف حصل بأيادٍ لبنانية مستفيدة من بقاء النازحين في لبنان، ولديها غطاء عربي بات اليوم في مراحله الاخيرة، نتيجة اعادة تطبيع العلاقات السورية ـ العربية.
فهل تشهد فترة ما بعد الانتخابات اعادة العلاقات اللبنانية ـ السورية إلى ندّيتها وتقاربها الطبيعي؟