Site icon IMLebanon

المعارضة وإفشال “لغم” التمييز بين سوريا وإيران

 

يعمل بعض المسؤوليين اللبنانيين على مدّ جسور علاقات مباشرة مع النظام السوري على اعتبار أن هذا النظام لم تشمله “اللعنة” الأميركية التي تحلّ على النظام الإيراني ولم تصدر رزمة عقوبات جديدة بحقه.

 

بدأت مسيرة التطبيع مع النظام السوري منذ ما قبل تأليف حكومة الرئيس حسّان دياب حين استدعى الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله حلفاءه ووضعهم بصورة المرحلة المقبلة، من ثمّ أتى إعلان رئيس “التيار الوطني الحرّ” الوزير السابق جبران باسيل في ذكرى 13 تشرين نيته الذهاب إلى سوريا بصفته الرسمية، قبل أن تباغت ثورة 17 تشرين الجميع وتقلب المعادلات الداخلية.

 

وعادت قوى “8 آذار” لتحاول مجدداً تمرير التطبيع مع النظام السوري بعدما أصبحت الحكومة حكومتها، في حين أن زيارات الوزراء اللبنانيين ستتكثّف إلى دمشق وكان آخرها وزير السياحة والشؤون الإجتماعية رمزي المشرفية الذي بحث قضية النازحين من دون أن يعود بنتيجة ملموسة، مثله مثل زيارة وزير الدولة لشؤون النازحين السابق صالح الغريب الذي أوهم الجميع أنه سيعيد النازحين لكن النتيجة كانت “صفر عودة”.

 

ويعلل من يطرح هذه الفكرة أخيراً، أن الولايات المتحدة الأميركية لا تتعامل مع النظام السوري مثلما تتعامل مع النظام الإيراني الذي هو تحت مرمى العقوبات، كذلك فإن روسيا، الصديقة مع كل الأفرقاء اللبنانيين، هي حليفة النظام السوري، في وقت أن عدداً من الدول العربية، والخليجية منها، بدأت سياسة الإنفتاح على سوريا وبالتالي فإن لبنان لا يناسبه أن يكون على عداء مع دمشق في ظل الأزمة الإقتصادية التي يمرّ بها.

 

لكن هذا الأمر، لم يرق للأحزاب المعارضة وعلى رأسها “تيار المستقبل” وحزبا “القوات اللبنانية” و”التقدمي الإشتراكي”، إذ إن حكومة الرئيس سعد الحريري الأخيرة شهدت معارك ضارية بعدما حاول باسيل إنتزاع تفويض رسمي لزيارته التي كانت مقررة إلى دمشق ولم يحصل عليه.

 

وعلى رغم عدم مشاركة هذه التيارات والأحزاب في حكومة دياب، إلا ان لبنان يخضع للتوازنات السياسية الدقيقة والتي لا يمكن تجاوزها، وبالتالي فإن أي قرار بالتطبيع مع دمشق من طرف واحد سيؤدّي إلى مزيد من العقوبات وإلى تفجير أزمة سياسية جديدة.وفي السياق، فإن قوى “14 آذار” السابقة لا تفرّق بين النظامين السوري والإيراني، إذ تعتبر أن محور “الممانعة” واحد وإيران وسوريا هما عموده الفقري، وهذا المحور يخضع للعقوبات، وليس صحيحاً أن دمشق لا تشملها العقوبات، إذ ان هناك عزلة عربية ودولية للنظام السوري لم تنته بعد، واتخاذ لبنان قراراً فردياً بالتعاون مع النظام سيضعه في مرمى العقوبات مجدداً.

 

ومن جهة ثانية، تشير أحزاب المعارضة إلى أن إيران تستخدم الأراضي السورية لكسر العزلة على شركاتها التي تخضع للعقوبات، وهي تحاول الإلتفاف على تلك العقوبات عبر إيجاد متنفّس لها في السوق اللبنانية، وقضية الأدوية الإيرانية التي دخلت الأسواق اللبنانية من دون حسيب أو رقيب أكبر دليل على ذلك.لا ترى المعارضة أن النظام السوري يريد عودة النازحين السوريين إلى بلادهم، وإلا ما المانع من ذلك بعدما أصبحت الحكومة اللبنانية موالية له، وبالتالي هو يستخدم ورقة النازحين من أجل الضغط على لبنان وتأمين المكاسب السياسية، ولا يريد حل هذه الأزمة، وهذا الأمر يسقط حجج فريق “حزب الله” والعهد من قضية العودة، فالأبواب مشرّعة أمامهم، فلماذا لا يقدمون على إعادتهم؟

 

وعلى رغم عدم مشاركتها في الحكومة، إلا أن الأحزاب التي باتت معارضة تؤكد تصدّيها لكل محاولة إعادة عقارب الساعة إلى ما قبل العام 2005 وتوسيع نفوذ النظام السوري في لبنان، لأن لهذا الأمر تبعات خطيرة، في حين أن الإطمئنان يأتي من أن المجتمع الدولي لن يعيد إطلاق يد النظام من جديد.