مع توقيع إتفاق «لوزان النووي»، تزايدت التساؤلات حول ما تريده طهران، وما تسعى اليه اسرائيل، وما يهدف اليه العالم. فطهران وحلفاؤها اعتبروا ان بإمكان ايران الاستمرار في التخصيب مع رفع العقوبات، وإسرائيل القلقة تسعى لان يتضمن الاتفاق النهائي اعترافا ايرانيا واضحا وغير مبهم بحق اسرائيل في الوجود، فيما يترقب العالم تحول اتفاق الإطار، الى اتفاق حقيقي ونهائي سيكون في المفاوضات الأخيرة الممددة حتى نهاية حزيران المقبل.
غير ان السؤال الكبير الذي يطرح نفسه بعد هذا الاتفاق، ما هو تأثيره على ملفات المنطقة وتطوراتها، حيث تتوجه الأنظار إلى ساحات الكباش والمواجهة في العراق وسوريا واليمن لاستكشاف الأوضاع الميدانية فيها، كما إلى لبنان لاستكشاف تأثير الاتفاق على ملف الانتخابات الرئاسية التي يرى البعض ان التأثير فيه خارجي، فيما ينفي البعض الآخر أهمية هذا التأثير ويرده إلى اعتبارات داخلية.
فالحرب بالواسطة بين السعودية وايران، في الخليج والعراق والسودان ومصر وسوريا ولبنان، تحولت أخيرا الى مواجهة مفتوحة في اليمن، انتقلت إلى مجلس الوزراء في لبنان، البلد الأكثر عرضة كما يبدو والأسرع بين الدول العربية لتلقي ارتدادات المواجهة السعودية- الايرانية وكأنه الطرف الثالث فيها، فعمقت الانقسام بين اللبنانيين وحولت الحوار الطري العود بين «المستقبل» و«حزب الله» من حوار لتنفيس الاحتقان في الشارع إلى سجال حاد غير مسبوق بين «حزب الله» والسفير السعودي في بيروت.
أوساط الثامن من آذار قلّلت من إمكان تأسيس الإتفاق النووي لمتغيّرات حاسمة في لبنان تفك اسر الملفات العالقة، متوقعة بقاء الوضع على حاله، معتبرة أن الإيجابية التي تحسب للإتفاق النووي، هي أنّ التفاهم من شأنه أن يوفّر على لبنان موجةً من التصعيد الذي كان من المرجّح حدوثه لو فشلت مفاوضات لوزان، كاشفة بان لا تعديلات في مقاربة حزب الله للمسائل الداخلية ربطاً بالإتفاق النووي، لأنّ طهران لا تتدخّل أساساً، حيث كانت أبلغت سابقاً مَن يعنيهم الأمر أنّ لبنان خارج دائرة أيّ تفاوض في شأن القضايا الاقليمية، دون ان يعني ذلك تراجع حزب الله عن استراتيجيته بالتعامل مع ملفات المنطقة ومقدمتها سوريا واي عملية قد تقدم عليها اسرائيل، حيث ياخذ الحزب في حساباته امكانية التهور الاسرائيلي ويتخذ كل الاحتياطات والاستعدادات اللازمة، مقابل وصف مصادر في الرابع عشر من آذار الحملة الدعائية من جانب طهران وحلفائها، خصوصا في لبنان، بشأن الاتفاق النووي، بـ«المضخة كون اتفاق الاطار لا يعني ان المسألة حلت».
وبحسب مصادر دبلوماسية غربية فان الصورة التي بدت ملامحها في الارتسام، توحي بان اسرائيل قررت الرد على الاتفاق على الجبهتين اللبنانية والسورية، في محاولة خلط اوراق، وهو ما بدأ فعلا عبر الغارتين اللتين شنهما الطيران الاسرائيلي نهاية الاسبوع الماضي على مواقع للنظام السوري، تزامنا مع تقدم المعارضة السورية جنوبا وشرقا، تزامنا مع تصاعد عرض العضلات الاسرائيلية والاستعدادات الجارية على قدم وساق، بعد اعادة تفعيل برنامج التدريبات الذي كان اوقفه الجيش الاسرائيلي بسبب النقص في الموارد المالية. وتعتبر المصادر الدبلوماسية ان الصورة قد تحتاج لاسابيع قبل ان تتضح وتكتمل قبل معرفة الخطوات الاسرائيلية والرد الايراني خاصة ان الهجوم الجمهوري سيتركز في الداخل مستهدفا الرئيس اباراك وباما ، الذي سارع الى اعتبار اي مس باسرئيل في عهده بمثابة هزيمة شخصية له.
فهل يدفع التفاهم الغربي- الإيراني إلى أجواء جديدة في المنطقة تكون دافعا لحل أزماتها؟ وهل تفسح هذه الأجواء في المجال أمام تفاهم سعودي- إيراني؟ هل يستفيد لبنان من تلك الأجواء فتكون فيه تفاهمات داخلية؟ أسئلة ستلقى أجوبة في الفترة الفاصلة عن الثلاثين من حزيران.