Site icon IMLebanon

سوريا أفادت من الحرب لفرض وصايتها وإيران تحاول توظيف الشغور لتعديل الطائف

إذا كانت سوريا خططت للاستفادة من انقسام اللبنانيين ودخولهم في حرب عبثية مدمرة عام 1975 لم تتوقف إلا بعد الموافقة على “اتفاق الطائف” الذي منحها سلطة الوصاية على لبنان وقد استمرت 30 عاماً مخالفة بذلك هذا الاتفاق، فإن ايران تحاول اليوم الاستفادة من انقسام اللبنانيين ايضاً حول كل شيء بما في ذلك الانتخابات الرئاسية وقبلها القانون الذي تجرى الانتخابات النيابية على أساسه، فصار التمديد مرتين لمجلس النواب ولم يتم التوصل الى تشكيل حكومة الرئيس تمام سلام إلا بعد تدخل خارجي جعل الزعماء اللبنانيين المختلفين حول تشكيلها يقبلون بخفض متبادل لسقوف مطالبهم.

وإذا كانت سوريا حكمت لبنان بالوصاية من خلال “اتفاق الطائف” فإن ايران تحاول أن تحكم لبنان بالوكالة من خلال تعديل هذا الاتفاق لأنه لم ينصف الطائفة الشيعية. لذا بدأت ايران تخطط لذلك منذ أن كان فؤاد السنيورة رئيساً للحكومة، إذ دعت صحيفة “كيهان” الايرانية المقربة من المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية آية الله علي خامنئي الى “تغيير موازين السلطة في لبنان لمصلحة الطائفة الشيعية”. وكتبت تقول: “في ظل النظام الاستراتيجي الجديد الذي برز في الشرق الاوسط، صار واجباً أن يكون للشيعة في لبنان – ليس للشيعة اللبنانيين – أكبر حصة في المؤسسات الحكومية والرسمية وعلينا أن نرى ونتابع كيف تتطور الامور. فلبنان يواجه تغييرات لا تستطيع الحكومة الراهنة أن تعالجها. لهذا من الضرورة تغيير المؤسسات فيه، وأول ما يجب تغييره هو “اتفاق الطائف” الذي وقعته أميركا وفرنسا ورؤساء الدول العربية وزعماء المجموعات اللبنانية. وقد فقدت تلك الدول العربية والى حد كبير أميركا وفرنسا والمجموعات اللبنانية دورها حالياً وحلَّت محلها قوى جديدة. فالشيعة يمثلون اليوم 40 في المئة من السكان اللبنانيين، ويشغلون 40 في المئة من الارض اللبنانية وهم المجموعة الأكثر وحدة وتوحداً فيه، وصارت قوتهم العسكرية هي الاقوى في تلك المنطقة من العالم العربي. لهذا كله يجب أن يكون لهم التمثيل الاكبر والاوسع في الحكومة وفي البرلمان وفي كافة المؤسسات اللبنانية”.

ونشرت صحيفة “الرسالة” الايرانية في وقت لاحق مقالا بعنوان “عيون السنيورة المغلقة” شنت فيه حملة عليه قالت فيها: “ان السنيورة يسلك طريقاً ستكون نهايتها سيئة جداً عليه. فبعد الانتصار البطولي لـ”حزب الله” تغيرت كل الظروف في لبنان وفي الشرق الاوسط، وبالتالي فإن دور “حزب الله” صار اكثر اهمية”. واضاف المقال: “ان حكومة السنيورة المعتمدة على الجمهوريين في واشنطن تحاول عبر السفير الاميركي في لبنان جيفري فيلتمان اضعاف قوة “حزب الله” وتكرار الصاق صفة الارهابيين بمقاتليه وتكثيف الحرب النفسية على قادته. لكن في الامة الاسلامية، وكذلك في لبنان، هناك ادراك للأوضاع الجديدة التي لن تسمح للسنيورة ولمن يدعمه في البيت الابيض وفي تل ابيب بالمناورة. هذه الحقيقة تجاهلها رئيس الوزراء اللبناني السنيورة قبل الحرب، ويصر على تجاهلها بعد الحرب ايضا مما يعني انه قد تواجه السنيورة هذه الحقيقة عندما يذوق طعم مرارة اطاحته من الحكم، وهذه اللحظة ليست ببعيدة، وعندما يتدفق الناس الى الشوارع فان تلك اللحظة التاريخية تكون قد حانت”. وكتب حسن صافينزادة افتتاحية “طهران تايمس” التي تنقل عادة وجهة نظر الخارجية الايرانية والمقربة ايضا من المرشد الاعلى وكانت بعنوان: “رفض طلبات الشعب اللبناني سيؤدي الى صدامات”، وجاء في التعليق: “ان رفض السنيورة تشكيل حكومة وحدة وطنية سيؤدي الى صدامات داخلية تضع لبنان امام تحديات محلية وخارجية خطيرة، وان رفض الحكومة اللبنانية التجاوب مع الطلبات الشرعية للشعب اللبناني مثل تشكيل حكومة وحدة وطنية يدفع لبنان الى حافة الانحدار وسيؤدي الى صدامات بين مختلف الطوائف والاتنيات والمجموعات السياسية فيه. لقد اصبح واضحاً ان مناورات الحكومة لن تستمر طويلا، واذا رفض السنيورة تشكيل حكومة وحدة وطنية في اسرع وقت فإن لبنان سيواجه مخاطر داخلية وخارجية في المستقبل القريب جداً”.

وختم الكاتب: “هل هي مصادفة أن يغتال وزير الصناعة الشيخ بيار امين الجميل”، وجاء الجواب بالتواتر: “لا يمكن أن تكون كذلك”.

ان هذه المقالات التي نشرت في صحف ايرانية قبل سنوات، لا تزال ايران تعمل على ترجمتها في لبنان بجعل الشغور الرئاسي يستمر الى أجل غير معروف، ويظل عمل مجلس النواب شبه مشلول، وحكومة تقف “على صوص ونقطة” كي تبقى ابواب الفراغ الشامل في لبنان مفتوحة بكبسة زر ايرانية، بحيث لا يكون خروج من هذا الفراغ الا بتعديل “اتفاق الطائف” على نحو يجعل الطائفة الشيعية تنال حقوقها لأنها تمثل “40 في المئة من سكان لبنان و40 في المئة من الارض اللبنانية، وهي الاكثر وحدة وتوحداً وصارت قوتهم العسكرية هي الاقوى في المنطقة من العالم العربي، ويجب ان يكون لهم التمثيل الاكبر والاوسع في الحكومة وفي البرلمان وفي كل المؤسسات اللبنانية”، كما جاء في صحيفة “كيهان” الايرانية التي طالبت بتغيير “الطائف”! والمؤسف ان يكون في لبنان زعماء موارنة يلعبون لعبة ايران من خلال تعطيل الانتخابات الرئاسية.