أليس مدعاة للأسف أن مسعى الأخ العربي لم يلقَ التجاوب مِن قِبَل الرئيس بشَّار الأسد وجنح نحو النظام الإيراني الذي وعده بالمن والسلوى يعيده إلى لبنان وبذلك ترتاح نفسه التي أتعبها إخراجه من لبنان مكرهاً لا مختاراً؟
وأليس مدعاة للأسف أن الرئيس بشَّار لم يعتبر بعد سنوات الإحتضان الإيراني أنه لا جدوى لسوريا إلاَّ بالتحليق في الفضاء العروبي،وبدلاً من أن يتأمل بأن هذه السنوات أضافت المزيد من التعقيد إلى الوضع السوري فإنه وجَّه طلب النجدة إلى مَن هو في حاجة إلى مَن يسعفه.وعند التأمل في الأوضاع الإقتصادية المالية التي يعيشها النظام الروسي،يتبين لنا أن الرئيس بوتين لم يلبِطلب النجدة الذي جاءه من الرئيس بشَّار لأنه حريص على هذا النظام،وإنما ليستعمل ورقة النجدة هذه في عملية مقايضة مع الولايات المتحدة ودول الإتحاد الأوروبي ترفع بموجبها هذه الدول العقوبات المفروضة على النظام الروسي جرَّاء ما فعله في أوكرانيا التي تحبذ أوروبيتها على روسيتها،أي بما معناه إنها مع أوروبا وأطلسها رقم في حين أنها مع روسيتها مجرد تابع وفي ظل زعامة غير مستحبَة شعبياً في أوكرانيا.لماذا يا دكتور بشَّار لم تُبقِ سوريا رقماً بدل أن أنهيتها تابعة؟
في بداية الأزمة السورية كثُرت المساعي العربية من أجل إيجاد تسوية لهذه الأزمة تحفظ ماء الوجه.وكان من شأن تجاوب الرئيس بشَّار معها إختصار هذا الخراب الهائل وهذا الجحيم الناشىء عن نيران النظام والمنتفضين عليه.وكان،وهذا هو الأهم،لن يجد الدواعش مكاناً لهم في سوريا لأن النظام،بإفتراض التجاوب مع المساعي العربية،والمنتفضين كانوا يشكِّلون جبهة في وجه الإرهاب الذي راح يدق أبواب كل المدن والبلدات.وإلى ذلك كان من شأن التجاوب أن لا تحدث مأساة اللاجئين التي ستبقى على مدى أجيال ندبة ورمزاً لضيق أُفق النظام في معالجة أحوال الشعب.
بدل هذا الإرتماء في الحضن الروسي بعد الإرتماء الأول في الحضن الإيراني،كان حرياً بالرئيس بشَّار إتخاذ وقفة عاقلة يعيد بموجبها النظر في رؤيته للأمور..بل لا يكتفي بإعادة النظر وإنما يستدير عروبياً مستنداً في الإستدارة إلى أن رهانه الإيراني لم يحقق له ما زيَّنوه له.والرهان الإيراني ليس فقط لم يحقق له إستعادة شأنه في لبنان وإنما أفقده شأنه في سوريا نفسها.ونقول ذلك على أساس أن السوريين الذين رحبوا بترؤسه بأمل أنه سيصحح إساءات وتجاوزات حقبة مضت،باتوا في أكثريتهم مخذولين لأن الرئيس الشاب الذي سيصحح أضاف المزيد من الخطأ،فضلاً عن أن النخبة السورية التي كانت قادرة على أن تحقق معه نهوضاً نوعياً باتت خارج البلاد.وهي كما بقية اللاجئين السوريين لم تيمم الوجه شطر إيران أو روسيا وإنما نحو دول يلقى الإنسان فيها الإحترام أو بعضه،مع الأخذ في الإعتبار أن لا إيران ولا روسيا على إستعداد لإستقبال لاجئين كما فعل لبنان والأردن على سبيل المثال لا الحصر.
منذ أن لبت روسيا البوتينية الطلب البشَّاري والتدمير متواصل في سوريا.في نهاية الأمر ستحقق «السوخوي»والصواريخ الروسية الغرض تخريباً وتدميراً.وستحين لحظة يقتنع فيها الرئيس بشَّار بأن اللهفة الإيرانية عليه شأنها شأن النجدة الروسية.وكان حرياً به أن يتخذ وقفة رجل شجاع.أما كيف هذه الوقفة فالتوجه شخصياً إلى مقر الجامعة العربية في القاهرة ويعلن مِن خلال منبر هذا الكيان الحاضن إنه يسلِّم الأمر إلى الله ويضع سوريا في حضن أمتها.وعدا ذلك فالسلام على سوريا من روسيا.ويا لهذه المصادفة أن الحروف واحدة في الإسميْن لكن ما يجمع البلديْن بعيد بُعد السماء عن الأرض.
عسى ولعل بعد المهمة العاجلة التي قام بها وليِّ وليِّ العهد السعودي وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز يوم الأحد الماضي وما نقله خلال لقائه في مدينة «سوتشي» على البحر الأسود بالرئيس بوتين من الملك سلمان من عتب وقلق من الذي تفعله طائرات اﻠ«سوخوي» والصواريخ الروسية بسوريا،أن يكون هنالك موقف أكثر تعقلاً فلا يتواصل التقيصر البوتيني،وبذلك يمكن أن تسلك الأزمة السورية طريق الحل على أساس:الوطن أهم من الشخص.والشعب يستحق حاكماً متعقلاً.والأمة لم تعد تتحمل الحكام المغامرين.وعندما يلتقي الرئيس بوتين في اليوم نفسه بوليّ عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الشيخ محمد بن زايد فهذا يعني أن المحمَّديْن السعودي ثم الإماراتي نقلا إلى بوتين قلقاً مزدوجاً له تأثيره الإقتصادي والمالي والتسليحي والصناعي والإستثماري على روسيا في حال لم يتوقف التقيصر البوتيني.ومَن يعش يرَ.