Site icon IMLebanon

سوريا «كعكة الدول» وأردوغان أغلق أذنيه  

 

من النادر أن يوجد في هذا العصر شخصية تتحدّى العالم كلّه كما فعل رجب طيب أردوغان في تصرفاته الأخيرة وفي الكلام الذي أدلى به في خطاب نقله، أول من أمس، التلفزيون التركي مباشرة، وتداولته وسائط الإعلام الغربية خصوصاً…

 

تلفزيون ام.بي.سي وصف كلام الرئيس التركي بأنّه خطير وكبير وصادم، فالرجل الذي يحرص على أن يظهر نفسه وريثاً للامبراطورية العثمانية تعامل، حتى الأمس القريب، مع هذه الوراثة في الشكل: “إن من حيث العرش، أو الحرس ولباسه، أو وصف نفسه بأنّه خليفة المسلمين… وإلى ما هنالك من المظاهر التي أثارت الإهتمام حيناً والسخرية حيناً آخر… هذا الرجل بدأ يمارس دور الامبراطور عملياً: فها هو يتخذ قراراً “تاريخياً” (كما وصفه بنفسه) بالتدخل العسكري في سوريا.

إلاّ أنّ الأمور لم تتوقف هنا، فهو أراد أن يبلغ من يعنيهم الأمر (أي العالم كلّه) بأنّ من يعترض طريقه في سوريا يكون قد أعلن الحرب على تركيا، مضيفاً أنه سيعيد الى سوريا ثلاثة ملايين ونصف مليون نازح.

ويقول أردوغان إنّه “شبع وعوداً” من العالم مشدداً على أنه سيعيد النازحين “بالقوة” لأنّ الأمم المتحدة لم تلعب أي دور، ولأنّ دول العالم تفرّجت على كارثة النازحين.

ولعلّ أخطر ما يقوله إنّه قرّر “إقامة منطقة آمنة وتحت حماية تركية ضمن الأراضي السورية بعمق 30 كلم”… وإذا قام الجيش السوري بالوقوف في وجه القوات التركية؟!. الجواب الأردوغاني واضح “عندئذٍ… سنقوم بضربه”، ويضيف محذراً: و”يعرف الرئيس بشار الأسد وجيشه حجم قوة الجيش التركي وكيف نعمل عسكرياً وبالقوة عندما نقرّر أمراً ما”.

ولوحظ أنّ الرئيس التركي كرّر كلمة “بالقوة” مرات عديدة… هذه القوة لوّح بها ضد الجيش السوري ولكن ماذا إذا اعترض قواته أي طرف آخر؟ والجواب كان حاسماً: “لقد أعطيت الأوامر الى رئيس أركان الجيوش التركية بضرب أي قوة تقف في وجه الجيش الترك أياً كانت، وإني أبلغت القوات الروسية في المنطقة والقوات الايرانية أن لا تقف في وجه الجيش التركي لأنّ الحرب ستقع”.

والملاحظ أنّ أردوغان يعرب عن عدم اكتراثه بمواقف الدول الأخرى، الإقليمية والعظمى على حد سواء، لدرجة انه قال “لقد أغلقت أذنيّ ولم أعد أسمع أي طلب سواء أجاء من روسيا أم من أميركا أم من إيران أم من أوروبا”!

وكرّر أنه في حال صدر أي تصرّف من روسيا (أي أنّ تركيا) تتمنى على روسيا ألاّ تقف في دربها وفي طريق الجيش التركي لأنّ ذلك سيؤدي الى أزمة ضخمة وعسكرية بين روسيا وتركيا على الأرض السورية”.

وفي معلوماتي انه لم يبلغ الأمر برئيس أي دولة، مهما عظم شأنها، منذ الحرب العالمية الثانية حتى الآن، أن تحدّث بهذه اللهجة وأرفقها بالتنفيذ الفوري والمباشر، ولا حتى الرئيس الاميركي ترامب الذي عرفت عنه “الشطحات” الكبيرة!

ماذا سيترتّب على كلام أردوغان؟ الجواب سيتبلور بعد المشاورات الجدية الأميركية – الروسية الجارية حالياً على صعدان مختلفة… خصوصاً وأنّ التدخل العسكري التركي في سوريا لم تتضح معالمه ونتائجه بعد…

أمّا ما يدعو الى الأسف أن تكون سوريا قد أصبحت كعكة الدول، تتقاسمها في ما بينها، كل منها تبحث عن حصتها فيها وجوداً عسكرياً أو نفوذاً مباشراً أو الاثنين معاً.