يبدو أنّ فشلَ خطة تجميد القتال التي طرحَها المبعوث الأممي لحَلّ الأزمة السورية ستيفان دوميستورا، لم يُثنِه عن تحديد موعد مطلعَ أيار المقبل لبَدء مشاورات ثنائية مع الأمم المتّحدة يحضرها، إلى جانب الأطراف السوريين، وفودٌ مِن الدوَل المؤثّرة في النزاع مباشرةً.
الأمم المتّحدة لم تفقد الأمل بالتوصّل إلى حلّ للأزمة السورية بعد وتهدف هذه المشاورات إلى استخلاص آراء كافة الأطراف حول ما وصَلت إليه الأزمة وإمكانيات الحلّ السياسي بعيداً مِن العنف المستشري على الأرض، وقد تؤدّي إلى إيجاد أرضية للحوار وجهاً لوجه بين السوريين، تماماً كما حدثَ في مؤتمرَي جنيف الأوّل والثاني، على رغم صعوبة هذا الاحتمال الذي ترى بعضُ المصادر أنّ «السوريين والقوى الإقليمية المؤثّرة ما زالت غيرَ مقتنعة به ولا جاهزة لتقديم أيّ خطوات إيجابية في سبيله».
وأشارت مصادر ديبلوماسية في جنيف إلى أنّ هذا المسار الجديد من المحادثات «قد يعني أنّ بيان جنيف ـ 1 صار نسخةً قديمة يجب تحديثُها بأخذ المفيد منها وحذفِ ما لم يعُد ملائماً للواقع الحالي، خصوصاً بعد إعلان أطراف دوليّة مهمّة أنّ الرئيس السوري بشّار الأسد جزءٌ من الحلّ، وهذه النقطة يشير إليها بيان جنيف 1 بشكلٍ واضح في أحد بنوده الذي يطالب بتشكيل حكومة انتقالية تتسَلّم زِمام الأمور في البلاد».
وعلمَت «الجمهورية» من مصدر ديبلوماسي في جنيف أنّ التحضيرات اللوجستية بدأت في الأمم المتّحدة، وأنّ قاعات عدّة يتمّ تجهيزها لاستقبال وفود المشاركين الذين وُجِّهت دعوات إلى عدد كبير منهم، ومِن بينهم وفودٌ من الدوَل المؤثّرة مباشرةً في الأزمة السورية، مِثل السعودية وقطر وإيران والولايات المتحدة الاميركية وروسيا وتركيا ودوَل الجوار، «لكنّ مشاركة لبنان لم تُحسَم بعد نظراً لاعتماده سياسة النأي بالنفس».
وأشار المصدر الى أنّ الدول المشاركة لم تَحسُم بعد شكلَ التمثيل. أمّا بالنسبة الى الوفد الرسمي السوري، فقد علمَت «الجمهورية» أنّ هذا الوفد «لم يتلقَّ بعد الدعوة الرسمية ولم يعرف بعد إنْ كانت المشاركة ستكون كما في جنيف 2، لكن بِغَضّ النظر عمّن سيشارك، يُفترَض أن تلعبَ هذه المشاورات دوراً أساسياً في وضع الأمم المتحدة في صورةِ النزاع الحقيقية وأين وصَلت الأطراف في آرائها واقتناعاتها بعد الخسائر الكبرى التي مُنِي بها الجميع في سوريا»، ورأى المصدر أنّ دعوة «الدوَل المتورّطة في التسليح والدعم المالي والعسكري للحرب السورية التي تُعتبَر مرجعيةً في القرار على أرض المعارك في سوريا خطوةٌ جيّدة، لأنّ الأطراف المتنازعة على الأرض لا تملك قرارَها، بل تعود إلى هذه الدوَل في قراراتها».
وذكرَت مصادر في الأمم المتّحدة في جنيف أنّ الدعوات إلى المشاركة في هذه المشاورات وُجِّهت لأطراف سوريّة عدّة، مِن شخصيات وأفراد ومجموعات مسَلّحة ومنظّمات محَلّية مدنية، بحيث تتوسّع المشاركة لتشملَ ممثّلين عن أكبر شرائح ممكنة من الشعب السوري، منعاً لتكرار خطأ حصرِ تمثيل المعارضة بطرف واحد.
وقال المصدر إنّ الأمم المتّحدة «تُصِرّ على متابعة البحث في هذا الملفّ وإحضار كافّة الأطراف بهدف التوصّل إلى أرضية مشترَكة للحوار قد تكون قاعدةً لمؤتمر جنيف 3». وأشار إلى أنّ المشاورات ستستمر طوال شهر أيار، وربّما تمتدّ إلى حزيران «بسبب كثرة الوفود، وهذا الأمر لم يُحسَم بعد لأنّ الأمم المتحدة لم تقرّر بعد إذا ما كان العمل خلال هذه الفترة سيكون خمسة أو سبعة أيام في الأسبوع».
وأضاف المصدر: «المشاورات تعني أنّ الأمم المتحدة لم تفقد الأمل في التوصّل إلى حلّ بعد، لكن الواضح أنّ الأطراف المتنازعة ما زالت تراهن على الحلّ العسكري ومعارك الكَرّ والفَرّ، وهذا الواقع يشبه إلى حدّ كبير الحربَ الأهلية اللبنانية ويُنبئ بطول الحرب في سوريا إلى أجلٍ غير مسَمّى».
وأكّد أنّ المشاورات «لا يمكن أن تنفصل عمّا قد تتوصّل إليه مفاوضات النووي الإيراني في 30 حزيران المقبل موعد توقيع الاتّفاق، مع ما قد يعكسُه هذا الاتفاق من حلول أو انتكاسات في حال حصول أيّ مفاجآت».