– لو فيغارو
لم يحدّد الرئيس التركي، في مكالمة هاتفية مع نظيره الفرنسي، تاريخَ انتهاء الهجوم المناهض للأكراد.
يريد رجب طيّب أردوغان الحصولَ على «ضمانات بشأن الحكم المحلّي في عفرين» قبل إنهاء الهجوم العسكري الذي تقوده أنقرة منذ 20 كانون الثاني على هذه المنطقة في شمال غرب سوريا التي يسيطر عليها أعداؤه، مقاتلو «حزب الاتحاد الديموقراطي» الأكراد.
ووفقاً لأحد المصادر الدبلوماسيّة المطّلعة، هذا هو جوهر ما أعلنَه الرئيس التركي يوم السبت في مكالمة هاتفية مع إيمانويل ماكرون دامت ساعةً كاملة. وتقول مصادر في الإليزيه: «إذا حصَل الأتراك على هذه الضمانات، ستنتهي العملية العسكرية. مضيفةً أنّه «ما دام حزب الاتّحاد الديموقراطي سيّدَ هذه المنطقة، التي يَسكنها ليس فقط الأكراد بل العرب أيضاً، فلن تكون تركيا راضية».
ولقد قصَف الطيران والمدافع التركية، لمدّة خمسة عشر يوماً، مواقعَ «حزب الاتحاد الديموقراطي»، الفرع المحلي لـ»حزب العمّال الكردستاني»، الذي تَعتبره أنقرة منظمةً إرهابية.
وتهدف عمليّة «غصن الزيتون»، المفتوحة على خمس جبهات على طول الحدود بين الدولتين، إلى طردِ مقاتلي «حزب الاتحاد الديموقراطي» من منطقة عفرين. ولكنّ توسُّعها ناحية الشرق، وخصوصاً ضدّ مدينة منبج التي يسيطر عليها «حزب الاتحاد الديموقراطي»، وحيث يتمركز 200 جندي أميركي، يثير مخاوفَ شديدة.
وحذّرَ إيمانويل ماكرون يوم الأربعاء في «لو فيجارو» من أيّ محاولة «غزوٍ» تركية في سوريا، ممّا أثارَ غضَب وزير الخارجية التركية مولود جاويش أوغلو الذي انتقد «شتائم» باريس. وأقرَّ مسؤول تركي بأنّه «عادةً، تُسلَّم الرسائل الأكثر أهمّية وجهاً لوجه وليس عبر الصحافة».
فكانت مكالمة السبت الهاتفية فرصةً للتناقش. وأفاد قصر الأليزيه: «لقد تحدَّث ماكرون وأردوغان مع بعضهما البعض كالعادة بصراحة تامّة «. وقال أردوغان لماكرون إنّه «فوجئ قليلاً، لا بل استغرَب سماع ماكرون يتحدّث عن «غزو» لسوريا من قبَل بلاده.
وقال الرئيس التركي لنظيره الفرنسي إنّه «لم يفهَم لماذا كان قد استخدم كلمة «غزو»، في حين أنّ الهجوم التركي هو جزءٌ مِن عملية مكافحة الإرهاب التي يقودها التحالف الدولي – الذي تنتمي إليه فرنسا – ضدّ داعش في سوريا والعراق. فأجاب ماكرون أنّه استخدم أسلوبَ الاحتمال في مقابلته مع «لو فيغارو» عندما قال إنّه «إذا تبيَّن أنّ هذه العملية التركية ستأخذ منعطفاً آخر […] فعندئذ، يُسبّب هذا الأمر لنا مشكلةً حقيقية».
«تطهير عفرين» فقط
وبعد ذلك، أكّد أردوغان لماكرون أنّ تركيا «لا تطمع في أراضي بلدٍ آخر»، وفقاً لِما ذكرَته وكالة الأنباء الرسمية الأناضول. وأضاف أنّ العمليّة الجارية «تهدف فقط لتطهير» منطقة عفرين من «العناصر الإرهابية»، مِثل عناصر «حزب الاتّحاد الديموقراطي».
فهل طمأنَ أردوغان رئيس الدولة الفرنسية؟ «نحن لن تستخدمَ كلمة «طمأنة»، أجابَ الأليزيه، حيث ذكّروا أنّه بعد مقابلة هاتفية سابقة، كان ماكرون قد قال إنّه «مطمئنّ» لوعود أردوغان، التي بقيَت حتّى الآن «افتراضية». باختصار، ينبغي توخّي الحذر.
وذكّر ماكرون، متفهّماً «المصالحَ الأمنية» لتركيا، أنّه لا يَجدر بهذا الأمر إخفاءَ «نوايا أخرى»، أي الوجود الدائم والموسّع للقوّات التركية في شمال شرق سوريا. يريد مسؤولون في الأليزيه أن يصدّقوا أنّ «أردوغان قد فهمَ ذلك جيّداً». لكنّ الرئيس التركي تحَفَّظ في الكشف عن بقيّة خطة معركتِه.
«لا يجيب أردوغان بالتحديد عن الإطار الزمني (لهذه العملية)، ولكنّه أكّد من جديد أنّها عملية لوقتٍ محدّد وموجّهة»، وهذا تأكيد كرَّره في المقابلة التي منحَها الزعيم التركي لصحيفة «لا ستامبا» يوم الإثنين، عشية زيارته، في إيطاليا.
ولكن في الوقت نفسه، هدّد نائب رئيس الوزراء بكر بوزداغ معلِناً لمحطّة «سي أن أن تورك» أنّه «إذا لم تنسحب قوات «حزب الاتحاد الديموقراطي» من منبج، فسنذهب إلى منبج وشرق الفرات، وحذَّر الولايات المتّحدة، التي لها 2000 رَجل في هذه المناطق، بأنّه «إذا ما ارتدى جنود الولايات المتّحدة زيّاً إرهابياً أو تواجدوا مع الإرهابيين خلال هجوم ضدّ الجيش، فلن يكون هناك أيّ طريقة للتمييز بينهم».
وأمام خطر توسّعِهم، ذكّرَ ماكرون أردوغان بأنّه «لا يجب على تركيا أن تطلقَ عمليات برّية جديدة» في شرق سوريا. وسيُجري الرئيسان اتّصالاً هاتفياً جديداً في الأسابيع القليلة المقبلة.