IMLebanon

مواجهة تحوّل سوريا منطقة رماية حرّة

 

 

المبالغات ليست عملة نادرة في ايران، ولا في عدد من دول المنطقة وحتى من المنظمات غير الدولتية. ومن المألوف أن تبالغ طهران في تقدير قوتها، وان يبالغ خصومها في تقدير ضعفها. ولم يكن غريبا قبل أسابيع سماع قائد الحرس الثوري الجنرال محمد علي جعفري يهدّد أميركا بتدفيعها ثمنا باهظا وسماع مسؤول آخر يعلن ان الحرس الثوري يستطيع تدمير اسرائيل بالكامل خلال سبع دقائق ونصف. ولا كان الرئيس حسن روحاني مضطرا للتكتّم بالقول انه لا قرارات أساسية في بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء وسواها من دون رأي الجمهورية الاسلامية. والسلسلة طويلة.

ومؤخرا، ذهب الدكتور علي أكبر ولايتي مستشار المرشد الأعلى علي خامنئي الى أبعد من مقولة الولي الفقيه عن القتال في بغداد ودمشق لحماية طهران بالتركيز على ثلاث نقاط. الأولى انه لولا المساعدات الايرانية لسقطت الحكومة السورية في غضون أسابيع ولكان داعش في بغداد الآن. والثانية انه لو لم ندافع خارج الحدود لكانت القوات الاسرائيلية الآن على حدود محافظتي كردستان وأذربيجان الغربية في ايران. والثالثة انه لولا ايران لما تمكّن الروس من أن يفعلوا شيئا في المنطقة.

والسؤال، وسط اعتراف الجميع بأهمية الدور العسكري والسياسي والاقتصادي الذي لعبته ايران في حرب سوريا، هو: لماذا تحرص طهران اليوم على تصغير الأدوار التي لعبها حلفاؤها: من النظام الذي استنجد بها الى الروس الذين استنجدت بهم؟ وهل كانت ايران تحارب في العراق وسوريا لتبعد خطر التقسيم عنها كما قال ولايتي أم لتكريس نفوذها الاقليمي واكمال مشروعها الذي يسمّيه خصومها الهلال الشيعي؟

من المبكر معرفة الجواب الذي لا يزال من أسرار الآلهة. لكن الظاهر بالنظر الى التطورات الأخيرة والاستراتيجية الأميركية الجديدة أن طهران تخشى من صفقة أميركية – روسية تقود الى تهميش دورها، ومن ان ألاّ تعطيها دمشق كل الحصّة التي تريدها من الكعكة بعد نهاية الحرب. ولذلك تستعجل الحرب الوقائية السياسية وتبعث ب رسالة تحذيرية قوية على العنوانين السوري والروسي. فما يقلقها هو اعطاء موسكو ومعها واشنطن لأنقرة اجازة صيد في منطقة عفرين شرط ألاّ يتجاوز أردوغان حدود هذه المنطقة. وهو قبل ذلك اعطاء أميركا لنفسها وللكرد اجازة صيد شرق الفرات وتسليم روسيا بالأمر. فضلا عن ان موسكو التي كرّست قاعدتين عسكريتين على المتوسط فرضت على الجميع التسليم بدورها في ادارة اللعبة. وفضلا أيضا عن ان اسرائيل حصلت من روسيا وأميركا على رخصة صيد.

وأخطر ما حدث ويحدث ويؤثر في مستقبل المنطقة كلها هو تحويل سوريا من صيّاد اقليمي الى منطقة رماية حرّة.