Site icon IMLebanon

ملف سوريا نجم «كمب ديفيد»

لم تخرج مقررات قمة كمب ديفيد الأميركية – الخليجية عمّا كان منتظراً منها. فسقفها كان قد رُسِم منذ اعتذار الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز عن حضورها، تاركاً للوقائع السياسية والميدانية تحديد مستقبل العلاقات، سواء مع الأصدقاء او الأعداء.

في الجانب الأمني، كان واضحاً انّ الأمر لن يتعدى البحث في آليّات دفاعية «أكثر وضوحاً»، عبر الاتفاق على نشر أنظمة دفاع ضد الصواريخ الباليستية بما يمكّن دول الخليج من العمل بشكل موحّد ومتكامل وأكثر فاعلية وتعزيز ترسانتها العسكرية. في حين انّ البحث في الإتفاق النووي مع ايران لم يأخذ حيّزاً واسعاً من النقاشات، بحسب بعض المصادر المطلعة.

فالقادة الخليجيون يعتبرون انّ الإتفاق مع إيران من شأنه أن يحيد خطرها الاستراتيجي أوّلاً عن اسرائيل، وهم ليسوا مسكونين به، على رغم موافقتهم على انعكاساته الايجابية على الاستقرار في المنطقة، في حال التزمَت طهران تطبيقه.

وعلى هذا الاساس، فإنهم لن يقفوا عقبة أمامه في اعتباره شأناً اميركياً غربياً، ولن يعارضوا منح الرئيس الاميركي باراك أوباما غطاء يضمن له تمرير هذا الإتفاق في معاركه الداخلية.

في المقابل، ناقشت القمة دور ايران الإقليمي، واكّد القادة الخليجيون انّ مواجهة سياساتها المزعزعة للإستقرار في المنطقة مُمكنة شرط التزام الولايات المتحدة سياسات اكثر وضوحاً في ضمان أمن دوَلهم من أيّ اعتداء خارجي.

وفي هذا الاطار، تحدثت أوساط متابعة عن وجود بنود «سرية» لم يُعلن عنها في البيان الختامي، تتعلق ببعض الترتيبات السياسية التي تصبّ في هذا الإطار.

وقالت إنّ الاتفاق تمّ على ضرورة تهدئة الوضع في اليمن وتلبية شروط الرياض الأكثر حيوية في هذا المجال. وأكدت انّ الجهد سينصَبّ في المرحلة المقبلة على تعزيز الهدنة الانسانية، والضغط لتأمين حل سياسي يُجبر الحوثيين وجماعة علي عبدالله صالح على القبول بمسار سياسي يعيد التوازن الى البلاد، ويلزم ايران الإمتثال لقرارات الأمم المتحدة والعودة عن الانقلاب الذي نفّذ ضد الرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي.

وتضيف تلك الاوساط انّ قادة الخليج عَبّروا عن واقعية في تعاطيهم مع الشأن اليمني، مدركين انّ التوصّل الى حل دائم او الى توازن سياسي دونه عقبات، على رأسها السلوك الايراني الذي لا يزال وسيبقى يمارس سياسة التدخّل والتأثير في هذا البلد لانتزاع حصّة فيه. هكذا تُقرأ التحرشّات البحرية تحت غطاء المساعدات الانسانية، وهو ما شَددوا على مواجهته مهما كان الثمن.

وبالنسبة الى الملف السوري، ذكرت تلك الأوساط انّ الإدارة الاميركية اطّلعت على المساعي الجارية لتوحيد جهود المعارضة السياسية والعسكرية، والدفع في اتجاه تقوية حضور العناصر العلوية في تركيبتها، تحضيراً للاعلان عن البديل السياسي لنظام الاسد.

وبحسب مصادر رسمية أميركية، هناك توجّه للقبول بفرض منطقة عازلة في شمال سوريا، تتولى تركيا إقامتها بالدرجة الاولى، فيما تتوقّع تلك الاوساط ان تعلن «جبهة النصرة» خلال أيّام فك ارتباطها رسمياً وعلنياً بتنظيم «القاعدة»، خصوصاً انّ عناصرها هي سورية بالكامل، وأجندتها السياسية تتعارض مع توجهات تنظيم «داعش».

وتحدثت بعض المعلومات عن جهود تركية رئيسية بالعلاقة والتنسيق مع قطر والسعودية، أدّت خلال الاشهر الماضية الى إنهاء جيوب وفصائل معارضات سورية مسلّحة، من بينها «حركة حزم» التي كانت تحظى بدعم أميركي و»جيش الاسلام» وغيرها من التنظيمات التي كانت تفرض واقعاً ميليشياوياً على شكل إمارات، لم تعد أولويّاتها مقاتلة النظام أو «داعش» على السواء .

وتكشف تلك الأوساط انّ الملف السوري نال حصة كبيرة من النقاش في قمة كمب ديفيد، لأنّ دول الخليج تعتبره الملف الأكثر تأثيراً على مشاريع ايران. واذا نجحت في تطويق دورها والنجاح في تأمين آلية سياسية واقعية فيه، يمكن بعدها الحديث عن توازن في المنطقة.

وتؤكد الأوساط وجود مؤشرات توحي بأنّ الضغط سيتزايد في المرحلة المقبلة، تمهيداً للإعلان عن مسارين ميداني وسياسي يقطع على النظام أيّ إمكانية للمناورة. وتتوقع ان تفرض المتغيرات الميدانية الجارية في سوريا مساراً مختلفاً هذه المرة عمّا سبق وشَهده ملف أزمتها، بعدما ظهر العجز والإعياء على قواته المُنهكة.

وإذ تتوقع تلك الأوساط أخيراً نتائج عملية بعد محادثات وزير الخارجية جون كيري في موسكو بالتزامن مع إعادة فتح ملف السلاح الكيماوي، تشير الى انّ اوباما لم يعط موافقته الكاملة على مساعي تطويق إيران وحشرها بالكامل قبل توقيعها الاتفاق النووي.

فواشنطن تسعى الى معادلة تضمن على المدى البعيد استيعاب طهران ورَبطها بمسارات السياسة الاميركية وضبط الصراعات في المنطقة تحت سقفها.