تطورات دراماتيكية متسارعة تطرح أكثر من سؤال حول ما جرى في سوريا، ولا سيما ان ما حصل غير منفصل عن خريطة طريق لإعادة تشكيل المنطقة وفق مصالح الدول النافذة في القرارات الدولية.
مصادر مطّلعة ترصد أجندة مُعدّة سلفا وهي سبقت بالتحضير الحرب على غزة ولبنان، وكان أحد مفاعيلها كما تقول هذه المصادر ما جرى منذ عملية «طوفان الأقصى» حتى لحظة إعلان وقف إطلاق النار في لبنان فيما لم يفاجئ الكثيرين بما حصل في ظل تسارع الوقائع الميدانية، وسرعة سيطرة الجماعات المسلحة المعارضة على كامل الأراضي والمدن السورية، وخروج الرئيس بشار الأسد في لحظة اعتبرها البعض مريبة ولا تنفصل عن مسار ما حصل. من هنا يأتي تتويج المرحلة بعنوان من اعتبره كثيرون قائد التغيير «أحمد الشرع» المعروف بأبي محمد «الجولاني» ليطلّ على خلاف الاطلالات السابقة بلباس جديد، وخطاب مطمئن للطوائف التي يتشكّل منها النسيج السوري في خطاب ومواقف أقرب الى العلمانية منها الى ما كان عليه حين كان سابقا تلميذا لأبو مصعب الزرقاوي، وإبن تنظيم القاعدة، ومن ثم تلميذ أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم داعش في العراق، ومن ثم مؤسس وزعيم جبهة النصرة في سوريا، قبل العام 2015. وهو الذي بدّل اسمها عام 2016 إلى هيئة تحرير الشام ليظهر اليوم. ولكنه اليوم بات الفاتح المحرر المنفتح على المرحلة التي لا زال يلفها الغموض وعدم إدراك ما ستحمله الأيام والأشهر القادمة.
من هنا تقول المصادر ان ما جرى وبهذه السرعة هو مرتب وموضب منذ فترة وما الجولاني إلّا اسما في مرحلة آنية وزمنية مرتبطة بالواقع الحالي سرعان ما يتلاشى بعد فترة طبقا لتقسيم الخريطة ذات الأجنحة الأربعة «موسكو، طهران، انقرة، واشنطن». ومن ثم يأتي الاستثمار السياسي والعسكري للكيان الإسرائيلي في مرحلة إعادة تشكيل المنطقة العربية ومعها الشرق الأوسط.
وتستعيد بعض المصادر المواكبة ما قاله «الجولاني» عام 2015 حين كان أمير «جبهة النصرة» من ان ليس لديه أي خطط أو توجيهات لاستهداف الغرب، بأمر من «أيمن الظواهري» بعدم استخدام سوريا كمنصة انطلاق لمهاجمة الولايات المتحدة أو أوروبا من أجل عدم تخريب المهمة الحقيقية ضد النظام آنذاك.
نعم ان المرحلة المقبلة ترسم عدة سيناريوهات منها ما هو حاصل ومنها ما سيحصل لا سيما فيما خص لبنان على وقع الانتقام المبيّت لمشاركة «حزب الله» في الدفاع عن سقوط النظام السوري في الفترة السابقة. ولا تستبعد بعض المصادر تلقّي لبنان رسائل نارية ودموية على شكل سيارات مفخّخة وانتحاريين إشعال الحرب الطائفية والمذهبية بغية إضعاف المقاومة بعد سد الشريان الأساسي لها من الخاصرة السورية.
لذا الأسئلة كثيرة حول ما تخبأه مرحلة ما بعد نظام «بشار الأسد» وخاصة ماهية الخطوط الحمراء والخضراء معا أكان في الجانب اللبناني أو العراقي والأردني والمصري حتى والتي تتحدث مصادر وثيقة عن ان التغيير لن يتوقف عند الحدود السورية بل سينتقل تدريجيا الى الدول المذكورة في إطار تسميه الدولة العميقة داخل الولايات المتحدة موضعة الدول ضمن ما ينسجم ومصالحها.
فهل تبقى الخطوط الحمر خطوطا محصّنة؟ أم ان التفلّت قاب قوسين أو أدنى بعد مرونة المواقف التي تطلقها المعارضة المسلحة ليبقى السؤال الأهم هو ماذا يريد عرّابو الانقلاب على سوريا في قادم الأيام؟