Site icon IMLebanon

سوريا في مفارقات اللعبة الروسية – الأميركية

 

روسيا وأميركا تلعبانها حارة وباردة مع الحاجة المشتركة الى بعضهما بعضا في سوريا. لا في الجمع بين القتال والديبلوماسية، فهذا من طبائع الأمور، بل في التنقل مثل رقّاص الساعة بين التفاهم والتهجّم. وليس الفيتو العاشر ضد مشروع قرار أميركي يتعلق بسوريا سوى اعادة تأكيد على استعداد موسكو لفعل أي شيء وإنكار أي شيء لضمان النجاح في ادارة اللعبة. ولا مشاريع القرارات التي تطرحها أميركا، وهي تعرف ان الفيتو الروسي جاهز، بريئة من الحرص على إحراج موسكو لدفعها الى تغيير طريقتها في ادارة اللعبة أكثر مما هي لتفشيلها.

ذلك أن كل اتفاق اصطدم تنفيذه بالخلاف على تفسير بنوده. فما أصاب بيان جنيف – ١ يصيب حاليا البيان المشترك الأميركي – الروسي على هامش قمة دانانغ والاتفاق بين أميركا وروسيا والأردن على منطقة خفض التصعيد جنوب سوريا. بيان جنيف سقط بالخلاف بين واشنطن وموسكو على تفسير ما تعنيه الترجمة العملية لاقامة هيئة حكم انتقالي بصلاحيات تنفيذية كاملة. والبيان المشترك بدا كأنه ذهب مع الريح بتبادل الاتهامات.

وقبل ان يجفّ حبر الاتفاق الثلاثي اعتبرت موسكو ان تفسير واشنطن خاطئ وانه لم يحدث اتفاق على سحب قوات ايرانية أو تابعة لايران من جنوب سوريا. وسخرت زاخاروفا الناطقة باسم الخارجية من وزير الدفاع الأميركي الجنرال ماتيس الذي ادعى ان الأمم المتحدة موافقة على وجود القوات الأميركية في سوريا التي تعتبرها قوات احتلال وتكتفي موسكو بالقول انها غير شرعية مع استمرار التنسيق العسكري بين الروس والأميركيين.

ولا تكافؤ بين الدورين الروسي والأميركي. روسيا تخوض حربا كاملة الأوصاف لتحقيق أهداف لها في سوريا، ثم في المنطقة والعالم من خلال دورها في سوريا. وليس القضاء على داعش سوى واحد من الأهداف. كذلك حماية النظام. وأميركا تخوض معركة محدودة تتركز على ضرب داعش والارهاب، وتسليح قوات كردية ودعمها جوا لتقاتل داعش على الأرض، مع استمرار القول انه لا دور للرئيس الأسد في مستقبل سوريا.

 

والمفارقة ان القوات الكردية قلقة من ان تتركها أميركا لمصيرها بعد انتهاء الحرب على داعش، في حين ان روسيا صارت قلقة من محاولات أميركا تعزيز وجودها في سوريا. لا بل ان سوتشي ستشهد قمة بين بوتين والرئيس التركي أردوغان والرئيس الايراني روحاني لاتخاذ موقف موحّد من تصرفات أميركا في سوريا.

والمسألة في النهاية هي الخلاف على التسوية السياسية، وسط الحاجة الى الكل في اعادة الاعمار بعد التسوية.