مما لا شك فيه، ان اعتداء العدو الاسرائيلي على الجولان السوري، واستشهاد عدد من عناصر وقيادات حزب الله فيلق القدس الايراني. قد خلق حالة جديدة من التأزم، تضاف الى الوضع المتفجر والمتوتر الذي تشهده المنطقة عموماً وسوريا والعراق خصوصاً وسوف يترك تداعيات بالغة الخطورة في الايام المقبلة، بعد انتهاء حزب الله من تحقيقه الداخلي، وتقويمه الكامل للعدوان، ومشاوراته مع السوريين والايرانيين المعنيين الاساسيين بالاعتداء الاسرائيلي على ارض سورية ضد حلفاء استراتيجيين للنظام السوري ايران وحزب الله.
السيد حسن نصر الله، امين عام حزب الله، اعلن بوضوح في لقاء تلفزيوني له، ان حزب الله بحكم تحالفه مع القيادة السورية، معني بالرد على اي اعتداء يطول سوريا، والسؤال الان، متى وكيف واين سوف يرد على الاعتداء، وهل هو الذي سوف يرد او الدولة السورية المعنية الاولى بالدفاع عن سيادتها، او ايران المرتبطة بعلاقات متينة مع سوريا، والتي اعتبرت في اكثر من مناسبة، ان الاعتداء على سوريا هو اعتداء على ايران هذه الاسئلة ما زالت حتى الان من دون اجوبة، مثلها مثل الاسئلة الاخرى التي تناولتها الصحافة العربية واللبنانية والدولية، عن امكانية وجود خرق امني في مكان ما لدى الاطراف الثلاثة سوريا وايران وحزب الله، ما سمح لاسرائيل ان تعلم بدقة مكان وزمان قيام الفريق المستهدف بعملية الاستطلاع الامني في الجولان، وهي عملية تتميز على ما يبدو باهمية بالغة، ليشارك فيها قيادي ايراني كبير بوزن العميد محمد علي دادي مستشار قائد فيلق القدس، بالاضافة الى قياديين كبيرين من حزب الله، احدهما نجل احد اهم رموز حزب الله العسكريين عماد مغنية الذي تم اغتياله منذ سنوات في العاصمة السورية دمشق، واتهم الحزب اسرائيل باغتياله، لذلك فان لبنان ليس وحده الذي ينتظر ويترقب ما سوف يحصل، بل ان وكالات الاخبار العالمية ومحطات التلفزة، تنقل من داخل الكيان الاسرائيلي، التدابير الامنية والعسكرية والوقائية التي تأخذها السلطات الاسرائيلية، تحوطا لاي عملية انتقامية داخل اسرائيل او خارجها، لان هناك شعورا شعبيا ورسميا بان الرد على غارة الجولان سوف يكون موجعا ومؤثرا.
***
في الداخل اللبناني، هناك شبه اقتناع غير متكامل، لدى مختلف الافرقاء بان رد حزب الله في حال حصوله، لن يكون انطلاقا من الارض اللبنانية، على اعتبار ان اسرائيل لم تستهدف الحزب على ارض لبنانية، لكن التخوف كبير من امتداد الحريق سريعا الى لبنان، «وجميع الاحتمالات مفتوحة». على ما صرح به وزير الداخلية نهاد المشنوق وان الازمة باتت اصعب، ومن المنتظر ان يجتمع مجلس الوزراء لمناقشة الوضع، واخد التدابير الواجبة في مثل هذه الحالات، كما ان هناك تخوفا من تعطيل الحوار القائم بين حزب الله وتيار المستقبل، او تجميده الى حين، بانتظار ترقب ما سوف يستجد، ما قد ينسف ايضا او يؤجل الخطط الامنية التي تم التوافق عليها لوقف التسيب الامني وخصوصا في البقاع الشمالي، لكن حركة الحوار بين حزب القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، قد تتباطأ ولن تتوقف، الا اذا حصل الاسوأ، ولم ينج لبنان من احداث امنية او لا سمح الله، اندلاع حرب شبيهة بحرب 2006 ولكن بامتداد اوسع وخسائر اكبر.
***
سياسي مخضرم، شغل مناصب وزارية عدة، وكان له دور في الحياة السياسية اللبنانية، تأسف على الوضع في لبنان، وخصوصا في هذه الايام العصيبة، وحصول ما يحصل على جميع الاصعدة، بغياب رئيس للجمهورية يكون مرجعية هذه الدولة بالنسبة الى الدول العربية الشقيقة، والى الدول الاجنبية الصديقة ويعمل ما في وسعه، كحام للدستور والمؤسسات، ومسؤول اول عن الجيش والقوى الامنية الاخرى، وعن مصالح المواطنين، بدلا من 22 وزيرا كل واحد منهم يعتبر ذاته رئيس جمهورية، وبذلك تضيع الطاسة «وتزورب» المسؤوليات في دهاليز الحكومة ومصالح الوزراء مشددا على خطورة الوضع الذي قد يكون الاصعب والاخطر في تاريخ لبنان، متمنيا ان يلعب حزب الله دورا تاريخيا بانقاذ لبنان في المواقف التي ينوي اتخاذها.