Site icon IMLebanon

سوريا هي ستالينغراد إيران!

لا يزال مسلسل اصطياد الضباط الإيرانيين مستمراً في سوريا، ما يعكس بوضوح صورة الوضع التكتيكي العسكري الذي يعتمده التحالف الروسي الإيراني العراقي الأسدي ويُظهّر ما وصلت إليه أوضاع المعارك في الميدان.

كلّ يوم نسمع بمقتل ضابط أو جنرال إيراني في سوريا وأحياناً عناصر من الحرس الثوري و»حزب الله»… لا شكّ أنّ التكتيكَ العسكري المتفق عليه في التحالف المذكور أعلاه يعطي إدارة المعارك على الأرض لإيران، ويولي الروس إدارة الحملات الجوّية. أمّا النظام السوري فيتولّى تأمينَ المعلومات الاستخبارية والمشارَكة في المعارك الميدانية إلى جانب الحرس الثوري الإيراني والميليشيات الشيعية.

ولعلّ اعتراف مصادر إعلامية في «حزب الله» في الفترة الأخيرة بمقتل ما لا يقلّ عن 60 جنرالاً إيرانياً في سوريا، يؤشّر إلى عدم تقدّم ملموس في هذه المعارك ضدّ فصائل المعارضة السورية التي تواجه هذه الحملة العسكرية الكبيرة وفق تكتيك حرب العصابات.

لا شيءَ يضمن لإيران تحقيقَ مكاسب على الأرض. وعلى رغم اتسام الدبلوماسية الإيرانية بالواقعيّة والعقلانيّة، إلّا أنّ سلوكها العسكري يبدو متهوّراً وأحياناً كثيرة غير محسوب ومدفوعاً بأحلام عقائدية إمبراطوريّة توسّعية ربما تؤدّي إلى خسارة مذلّة للإيرانيين مع تزايد المؤشرات إلى إقحام عدد كبير من قواتها في المستنقع السوري. وقد بات التدخلُ الإيراني هناك أشبه بتورّط ألمانيا النازية في معركة ستالينغراد في خريف عام 1942، وذلك كان خطأً استراتيجياً عسكرياً فادحاً.

واللافت أنّه قبل التدخل العسكري الروسي كانت إيران منخرطة في المواجهة العسكرية دعماً لنظام بشار الأسد، لكنّ الأمور انتهت إلى سيطرة فصائل المعارضة ذات الغالبية السنّية على 80 في المئة من الأراضي السوريّة.

أما اليوم ورغم التدخل الروسي الجوّي فلم تفلح إيران ومِن ورائها النظام السوري بتحقيق تقدّم كبير على الأرض، بل سُجّل ازديادٌ في عدد القتلى الإيرانيين على نحوٍ مثيرٍ للقلق بالنسبة إلى الخبراء العسكريين هناك!

ها هو الجيش الإيراني المتباهي بإمكاناته العسكرية وقدراته- التي صوّرها للعالم- أنّها قادرة على اجتياح الخليج خلال أيام قليلة وضرب الأسطول البحري الأميركي، يتقهقر في «زواريب» سوريا كما تقهقر الجيشُ الألماني المتبجّح في «زواريب» ستالينغراد، وقد غرقت قوّات التدخّل السريع الإيرانية في بيئة غير حاضنة لها، تحارب أشباحاً يختبئون خلال القصف الجوّي الروسي ثمّ يطلعون من الأنفاق ومن تحت الركام عندما تغادر تلك الطائرات المزمجرة الأجواء السورية.

ورغم أنّ «حزب الله» لا يزال يروي أساطيره أمام الشاشات عن حرب العصابات التي واجه بها إسرائيل في جنوب لبنان، نراه اليوم في سوريا عاجزاً أمام بعض الفلول الإسلامية الجهادية عن تحقيق أيّ إنجاز منذ النصر الذي حققه في القصير. علماً أنّ رصيد قتلاه هناك بات مرتفعاً وباهظ الثمن، وبعضهم عناصر من القوات الخاصة الذين يصعب تعويضهم نظراً إلى خبراتهم في القتال.

لقد فتحت إيران من خلال سياستها العدائية حيالَ الخليج السنّي المعتدل أبوابَ جهنم، وأيقظت بالتعاون مع النظام السوري وحشَ التطرّف المعروف بإسم «داعش» وأخواتها، وذلك ما يبرّر الحرب الضروس المستعرة على الأرض السورية.

فهي تعبّئ منذ أربعة أعوام متواصلة الميليشيات الشيعية في لبنان والعراق وأفغانستان للقتال في سوريا، وهذا ما يجرّ المزيد من المقاتلين السُنّة الأجانب لمواجهتها هناك، وذلك ما يبرّر إعلان الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله «أنّ المعركة في سوريا هي معركتنا»، وقابله الزعيم الروحي للجهاديين الإسلاميين يوسف القرضاوي بفتوى تدعو جميع المسلمين السُنّة إلى التدريب العسكري للقتال في سوريا مستطرداً بـ«أنّ الصراع هو صراعٌ عالمي بين 100 مليون شيعي و1.7 مليار سُنيّ!». وهذا ما يُترجَم على الأرض نموّاً في قدرات «داعش» و»جبهة النصرة» وهما التنظيمان الأكثر فاعلية على أرض المعارك.

ولو كانت إيران تواجه هذه التطوّرات بالإعتدال والتواضع لحفظت خطّ الرجوع حتماً، إلّا أنها تتعامل مع الأوضاع المستجِدّة بكثير من الإستكبار الذي تمثّله مواقف مرشد الجمهورية الإسلامية الإيرانية علي خامنئي الذي يسير على خطى الزعيم الألماني أدولف هيتلر برفضه الإنسحاب من المواجهة العسكرية في سوريا إثر فشله في تحقيق الفوز في ستالينغراد طمعاً بالنصر الإلهي!