IMLebanon

سوريا ليست الشيشان!

افتراض خارج من الجحيم! ماذا لو سقطت حلب اليوم قبل الغد، هل ستنتهي الحرب في سوريا؟

من المؤكد، أن الحرب لن تنتهي، لأن «الحرب المركّبة» لا تنتهي بالانتصار في معركة حتى ولو كانت كبرى. طالما أن الولادات مستمرة، فإن حروباً أقسى وأصعب وأشرس وأكثر دموية، ستعيد كل شيء الى بداياته. «القيصر» فلاديمير بوتين، يعتقد أنه قادر في معركة حلب على تكرار انتصاره في غروزني. ينسى أو يتناسى بوتين، أن حلب ليست غروزني وسوريا ليست الشيشان.

لقد دمّر بوتين غروزني وقتل أهلها وبقي سنوات حتى فرض عميله رئيساً على الشيشان. هذا في وقت تركت الحرية له وساد الصمت الدولي، لأن الشيشان اعتبرت مشكلة روسية داخلية. أما سوريا فهي ليست كذلك، إنها مشكلة سورية – عربية – إقليمية دولية. كل طرف من هذه الأطراف، يقاتل

على طريقته وخصوصية قواه، أن له حصة في سوريا حاضراً ومستقبلاً. لذلك حتى ولو قضى بوتين على حلب ومقاومتها، فإن الآخرين سيسألونه وماذا بعد؟

نقطة الأساس في خطيئة بوتين في حلب وما قبلها وما بعدها، أنه يتصرف على قاعدة، أن كل السوريين المعارضين له وللرئيس بشار الأسد وللولي الفقيه آية الله علي خامنئي، إرهابيون. لا يوجد بينهم معتدلون، لذلك فإن قتلهم حلال ومطلوب فوراً. سؤال طبيعي وواقعي: كيف سيفرض بوتين موقفه هذا على السوريين، وعلى كل الأطراف العربية والاقليمية والدولية؟ لا يمكن مطلقاً، احتمال نجاح بوتين في ذلك. صفر!

نجاح «القيصر» حتى الآن في سوريا، يعود أساساً الى فشل الرئيس الأميركي باراك أوباما. يوماً بعد يوم، تتكشف خفايا تردد السياسة الأوبامية تحت شعار عدم خوض حرب أميركية خارجية. شهادة جون كيري الأخيرة تؤكد سياسته الرخوة والمتراجعة أمام بوتين، وكأن الولايات المتحدة الأميركية، ضعيفة وتخاف من الهزيمة، علما أنها هزمت حتى الآن من دون أن تطلق رصاصة واحدة في سوريا. يبقى سؤال معلق لماذا يرسل أوباما جنوداً الى العراق حيث يتعاون مع الجنرال قاسم سليماني الحاضر علناً على الجبهات، ويرفض حتى إدانة بوتين، الذي دمرت طائراته وبالقنابل الارتجاجية (المحرمة دولياً) الفصيل السوري المعتدل والناشط بالتعاون مع المستشارين الأميركيين؟!

طبعاً يمكن ويجب تحميل المعارضات السورية والدول العربية جزءاً أساسياً من الفشل في سوريا. بعد خمس سنوات على الحرب وما زالت قوى الثورة في سوريا تخسر في الاقتتال الداخلي أكثر مما تخسر في المواجهات مع قوات الأسد وحلفائه من الميليشيات الشيعية والإيرانية والروس. ولا يبدو أنه يوجد أمل حتى الآن في الخروج من هذا المستنقع الدموي، رغم كل التصريحات وحتى بعض المحاولات الجادة.

مستقبل سوريا معلّق حتى زمن بعيد، رغم كل الشعارات فإن إسقاط حلب هو المدخل الجغرافي الواقعي لقيام «سوريا المفيدة»، هذا الحل يناسب «القيصر» والأسد والمرشد. يمكن تأجيل إداء مشروع كهذا بالقول إنه خطوة ضرورية لاستعادة كل سوريا. لا يمكن أن تقبل الأطراف المعنية بسوريا ووحدة أراضيها مثل هذا التعليل، لأنه لا يمكن ائتمان «الذئب» على «حظيرة النعاج». إلى جانب ذلك، فإن لتركيا مصلحة قومية في إسقاط مشروع «سوريا المفيدة»، لأنه يسمح الآن أو لاحقاً بقيام «شريط كردي» عازل لها وفي الوقت نفسه يهدد وحدة أراضيها لاحقاً.

من المضحك – المبكي، أن بداية صعود القيصر، وارتفاع منسوب استقواء «المرشد»، عود إلى الإدارة الأميركية في عهد باراك أوباما. الآن يجب انتظار الإدارة الجديدة سواء كانت هيلاري كلينتون الرئيس القادم أو دونالد ترامب، فمن الواضح حتى الآن أنه لن يكون أسوأ من باراك أوباما بالنسبة لسوريا والعراق.

نقطة غامضة في المسار الأوبامي، هل هو خيار أميركي استراتيجي، يقوم على قراءة قديمة – جديدة لمنطقة الشرق الأوسط، أساسه أن الحليف القوي والفاعل هو إيران وأنه ليس بالضرورة أن يكون الشاه هو الحاكم حتى يتم ضمان طهران إلى جانبها، ذلك أن الشعب الإيراني بطبيعته يميل إلى الغرب سياسياً واجتماعياً واقتصادياً وذلك بعكس الشعوب العربية المعادية تاريخياً وسياسياً واجتماعياً لأميركا والغرب؟

سؤال خطير لأنه أيضاً واقعي، ولأنه تقوم عليه سياسة مستقبلية ومصيرية يجب التعامل معها بجدية منذ الآن.