Site icon IMLebanon

سوريا أرض اللقاء بين الكبار المختلفين

تروي النيويورك تايمس ان مساعدا لوزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون سأله عن أولويات الادارة في السياسة الخارجية وتوجيهاته للعمل على تحقيقها. جواب المهندس الذي يستغرب العجلة حتى في الأزمات جاء سريعا ومختصرا: انها بسيطة جدا: انهاء الارهاب، انهاء الراديكالية، والتعامل مع الصين. والمعنى البسيط هو القوة قبل الديبلوماسية، والتجارة قبل القيم. واللافت، وسط انشغال تيلرسون بالعقوبات على ديكتاتور فنزويلا، وعرض الحوار على ديكتاتور كوريا الشمالية الذي يهدّد بضرب أميركا ويهدّده الرئيس دونالد ترامب بمحو بلاده، ومتابعة أزمة قطر مع رباعي المقاطعة، هو تركيزه في المؤتمر الصحافي الأخير على اللعبة مع روسيا في سوريا.

ذلك ان أميركا وروسيا ينطبق عليهما قول الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف ان واشنطن تحتاج الى وقت لتتعافى من فصام سياسي. فكل منهما في حال فصام سياسي: خلاف عميق حول ما هو أبعد من أوكرانيا وتحديات الناتو قاد الى تبادل العقوبات وحرب باردة جديدة، وتفاهم على ضرب داعش والنصرة وبقية التنظيمات الارهابية. وأرض اللقاء بالاضطرار قبل الخيار بين المختلفين هي سوريا المضروبة بحرب في عامها السابع والموزعة حاليا الى حصص لقوى محلية واقليمية ودولية.

ولا مجال للخطأ في قراءة خارطة الطريق التي يرسمها تيلرسون، وهي عمليا الخارطة التي رسمها الرئيس فلاديمير بوتين ويتابعها الوزير سيرغي لافروف. إذ هو يعلن بوضوح، برغم الخلافات، تحديد سوريا كأرض نستطيع فيها العمل معا. والمراحل محدّدة أيضا: من التزام دحر داعش الى التزام الاستقرار بعد هزيمة داعش. ومن حماية منطقة خفض التصعيد في الجنوب السوري والتوسّع في اقامة مناطق أخرى لخفض التصعيد الى العمل معا على ابقاء سوريا موحدة وعلى أن يكون للشعب السوري إمكان وضع دستور جديد واجراء انتخابات حرّة ونزيهة ليختار قيادته الجديدة.

ولا أحد يعرف كيف يمكن الوصول الى المرحلة الأخيرة من خارطة الطريق. لكن الكل يتصور أن تيلرسون يطرح مواقف للاستهلاك الداخلي والخارجي أو للمساومة مع الروس حين ينتقد تحالف موسكو مع الرئيس بشار الأسد، ويقول ان الشرط الضروري للتسوية هو انسحاب القوات الايرانية، وانه لا مكان لنظام الأسد في مستقبل سوريا. فاليد العليا في سوريا هي للروس الذين يديرون اللعبة في الحرب والتفاوض واتفاقات وقف النار. وحاجة الروس الى الأميركان في التسوية السياسية ليست أكبر من حاجة الأميركان الى الروس. وهم معا في حاجة الى أدوار القوى المحلية والاقليمية على الأرض في الحرب، والى وضع تلك القوى في معادلة التسوية.