Site icon IMLebanon

حرب سوريا طويلة…

يكاد لا يمر يوم من دون ان يرتكب الطيران الروسي مجزرة في حق المدنيين السوريين في مختلف المناطق. ويقدر “المرصد السوري لحقوق الانسان” ان الغارات الروسية قتلت ما يزيد على الف وسبعمئة مواطن سوري، ومع ذلك لم تتحرك خطوط المواجهة بين الثوار والنظام مدعوما بالميليشيات التابعة لإيران، والقصف الجوي الكثيف للطيران الروسي. فبعد أكثر من ستين يوما ما استطاع الطيران الروسي تحقيق اختراق حقيقي في المشهد الميداني في سوريا. أكثر من ذلك، لم تفلح الغارات المكثفة على جبل التركمان من تمكين قوات النظام في استعادة مواقع خسرتها في العامين الماضيين هناك. كما ان قصف قوافل المساعدات والامدادات التركية على المعابر لم يخفف قدرة تركيا وحلفائها على ايصال الامدادات الى الثوار السوريين. وما لم تشن روسيا حربا مباشرة على تركيا فإنها لن تتمكن من اقفال الحدود بين تركيا وسوريا، وبالتالي فإن الامدادات لمناطق الثوار السوريين ستتواصل من دون تعديلات تذكر. وبما ان شن روسيا حربا مباشرة على تركيا معناه الاصطدام بحلف “الناتو” مباشرة، فإن التوتر بين موسكو وانقره سيبقى محصورا بالمواجهة غير المباشرة في الميدان السوري. ومعلوم ان حلفا يضم تركيا والرياض والدوحة نشأ حول القضية السورية، وجرى إمداد عدد من الفصائل المقاتلة بسلاح مضاد للدبابات، مكنها من إجهاض جميع الهجمات التي شنتها قوات النظام والمليشيات التابعة لإيران على مختلف الجبهات من ريف حماه، الى ادلب، وجبل التركمان وريف حلب الجنوبي. وبهذا يتضح ان الثوار السوريين وداعميهم تمكنوا من استيعاب الصدمة الأولى للتدخل الروسي، محتفظين بعنصر المبادرة في الميدان على كامل الجغرافيا السورية. صحيح أن العدوان الروسي جنب النظام سقوطاً سريعاً كانت ملامحه قد بدأت بالظهور منتصف الصيف الفائت، لكنه وعلى الرغم من استهدافه فصائل المعارضة السورية بنسبة ٩٠ في المئة، فإنه لم يقلب موازين القوى على الأرض. ومن هنا يمكن فهم قول العديد من قادة الفصائل المقاتلة انهم لا يخشون الضربات الروسية، لان المعركة تتم على الأرض بين قوات غير نظامية لا يقدر الطيران ان يحسم فيها.

بناء على ما تقدم، يمكن تفسير التصعيد الروسي الكبير ضد تركيا، وهو غير متوازن مع حادثة اسقاط “السوخوي”، بأنه سعي لترهيب تركيا والحد من دعمها للفصائل المعارضة المقاتلة في سوريا، بما يمكن ان يضعف الاخيرة ميدانيا.

في الخلاصة، لم تحن مرحلة التسوية. لذلك تتجه الأزمة السورية نحو مزيد من التأزم. فالحرب مستمرة، والحل السياسي يبتعد في ظل اصرار روسيا وإيران على رفض رحيل بشار الاسد، في ظل محاولتهما إلحاق هزيمة عسكرية بالمعارضة، مما يعني ان روسيا ستتورط أكثر في سوريا، أما إيران فلن تدع “حزب الله” ينسحب في المدى المنظور. إنها حرب طويلة حقاً.