قبل أن ينتقل الحوار بين الصحافيين والمسؤولين الكبار في دولة الإمارات العربية المتحدة إلى الأزمة – الحرب السورية، أنهى أحدهم كلامه على تركيا ودورها العربي بالقول: لا نريد أن تتدخّل تركيا في استقرار مصر أو بالأحرى أن تقوِّضه، لأن من شأن ذلك تهديد الاستقرار في العالم العربي كله. ويستحق هذا العالم بعد عقد من تدخُّلات غير العرب فيه أن يتخلص منها، وأن تعمل دوله وشعوبه لإرساء تعاون جدّي وصادق بينها.
ماذا يجب أن يفعل العرب وربما العالم لإلحاق الهزيمة بـ”داعش” تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام؟ سأل أحد الزملاء. فكان الجواب: سوريا مصدر قلق كبير لنا. حالياً، لا أرى تحسُّناً ممكناً. والعمل السياسي لا يساعد الآن على إيجاد حل لمحنتها. إذ هناك مجموعات إرهابية تحتل مناطق سورية واسعة. الأوضاع في سوريا والعراق ولبنان غير مستقرة. ومن الضروري الآن أن يتعاون الجميع وخصوصاً العرب للحدّ من الخسائر، وقد يكون ذلك بالتفاهم على حل موقّت في سوريا. لكن هذا الحل لن يأتي منّا. طبعاً يستحق شعب سوريا حلاً نهائياً واستقراراً ثابتاً. لكن القضية معقّدة ومتشابكة داخلياً وخارجياً. اللاجئون السوريون منتشرون في لبنان وداخل سوريا وفي الأردن وفي دول أخرى. وهناك آلاف الإرهابيين الأجانب الذين يقاتلون داخل سوريا والعراق. وإيران تدخّلت في الدولتين، والأمر نفسه فعله “حزب الله”. نحن لا نرى مخرجاً من كل ذلك خلال سنوات قليلة. الحل الوحيد الآن هو الانتقالي الموقّت. إذ إن القضايا معقّدة كلها. وهناك اصطفافات إقليمية ودولية. والسؤال الذي يُطرح هنا هو: ما هو دور الرئيس بشار الأسد في أي حل انتقالي؟ والجواب عنه بالغ الصعوبة. وفي العراق نرى اليوم ربما بداية خطة انتقالية أو بداية رسم لها. وهذا أمر لا نراه في سوريا. أملي في تحسُّن الوضع السوري ليس كبيراً. وتدهور أوضاعها سيزيد. وربما تدخل حال تفتُّت. النظام فيها استُنفِذ واستُهلِك. في سوريا هناك عقول نيِّرة كثيرة يجب أن يتعاون أصحابها. كما يجب أن تتفاهم أوروبا وأميركا على حلول معينة وإن موقتة لأن اختلافهما يعقِّد الأمور أكثر ويرتّب اضراراً على العالم كله. في أي حال، إن الصورة التي أمتلكها عن سوريا وربما غيرها مظلمة جداً.
ثم عاد زميل آخر إلى مصر و”الإخوان المسلمين” فيها فسأل إذا كانت تسير الآن في اتجاه إيجابي أو سلبي؟ فسمع الجواب الآتي: في مصر نحن متفائلون. في الربع الثالث من العام الحالي ازدادت نسبة السياح فيها حوالى 70 في المئة. هذا مؤشر غير كبير وربما غير كافٍ لكنه مهم. الأوضاع فيها بدأت تتحسّن. المصانع تعود إلى العمل وسيعقد مؤتمر استثماري في مصر قريباً جداً. خريطة الطريق التي رسمها المشير عبد الفتاح السيسي يتم تنفيذها. فالدستور وضع وأُقرّ. ورئيس الدولة انتُخب، والبرلمان سينتخَب على الأرجح الصيف المقبل. المواطن المصري متفائل في بلاده. لكن ذلك لا يعني أن التحديات التي تواجهها مصر سهلة. يجب أن تكون اقتصادياً واجتماعياً وتنموياً وصناعياً على غير ما هي عليه الآن. مصر سترجع، نحن واثقون من ذلك. وهذا رهان عربي. لا نريد عالماً عربياً زاهياً من دون أن يكون أكبر بلد عربي جزءاً منه. أما موضوع “الإخوان” فهو سيادي، إذ يعود لكل دولة أن تدرجهم على لائحة الإرهاب أو أن لا تدرجهم عليها. ان الذين يقولون، ومنهم دول كبرى، إن الإخوان لم يلجأوا إلى السلاح أو إلى الحرب المسلحة ضد الدولة المصرية رغم معارضتهم لها، ولذلك يجب الانفتاح عليهم وليس دفعهم إلى أن يصيروا إرهابيين جراء القمع والشدّة، وأن الأحكام القاسية في حق بعضهم كانت من دون أدلة أو من دون أدلة قاطعة، إن هؤلاء غير محقين في موقفهم. نحن نعرف أنه كان هناك رهان دولي على أن يصل الإسلاميون المعتدلون إلى السلطة في العالم العربي فيحكمونه نحو 30 سنة على الأقل، ويرسون استقراراً فيه أو يبعدون الإسلاميين المتطرفين جداً. لكن كل ذلك ليس في رأينا صحيحاً. ربما لم يحمل “إخوان” مصر السلاح مثل إرهابيي سيناء والإرهابيين القادمين إلى مصر من ليبيا وغيرها. لكنهم حملوا ويحملون فكراً متطرفاً. فغالبية قيادات التنظيمات الإرهابية خرجت من صفوفهم. وأحد أبرز أقطابهم استند في أفكار كثيرة وآراء إلى شخصية قديمة لها احترام واسع عند الإرهابيين. حملة الفكر هذا مسؤولون مثل الساعين إلى تنفيذه لأنهم هم الذين يعبئون “المجاهدين” ويدفعونهم إلى القتال والإرهاب. علماً أن التجربة الإسلامية في تركيا قد تكون شجعت أميركا على الرهان على “الإخوان المسلمين”.
ماذا سمعت وزملائي في المهنة أيضاً من المسؤولين الإماراتيين الكبار؟