بعد طول ترقب، وتكهنات، عرفنا ملخص تفاصيل خطة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سوريا، وأسباب إرساله قوات عسكرية إلى هناك، وملخص خطة بوتين أن ليس لديه من الأساس أي خطة واضحة للحل، وإنما محاولة لاستغلال الفراغ، واقتناص فرصة تخدم أهدافا ذاتية.
ما يحدث يقول لنا إن الروس تأكدوا أن ليس لدى الغرب، وعلى رأسه أميركا، خطة واضحة وجادة، واستشعر الروس أن بشار الأسد يقترب من السقوط جديا، وباتت قواته منهارة، حيث فشلت إيران في إنقاذه مما دفع الروس إلى التدخل، وتحت غطاء مكافحة الإرهاب، الذي وجدت فيه موسكو فرصة سانحة لكسر عزلتها، وفرض نفسها كطرف فاعل من خلال امتلاك مفاتيح مهمة في المنطقة، وتحديدا في سوريا التي تخولهم إطلالة ونفوذا على العراق، وكذلك بالصراع العربي الإسرائيلي، خصوصا أن الأسد تحت العهدة الروسية الآن، مما يعني أنه بات لموسكو الآن حدود مع إسرائيل، وحزب الله.
ورغم كل هذا النفوذ الظاهر فالأكيد هو أن ليس لدى الروس خطة، وبالتالي فليس بمقدورهم تحقيق نجاحات حقيقية، ربما بعض المكاسب السريعة، وأبرزها إرباك الحلفاء ضد الأسد، إلا أنه لا مكاسب سهلة. وبعد خطاب الرئيس بوتين بالتجمع السنوي لزعماء العالم في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وبعد لقائه الرئيس الأميركي، وقول بوتين إن بلاده لن ترسل قوات برية إلى سوريا، يصح القول، وباطمئنان، إنه ليس لدى الروس خطة، وإنما أهداف ذاتية للرئيس، ولم ينجح الروس حتى في تبريرها. والحقيقة أن عدم وجود خطة عربية، أو غربية، واضحة هو ما شجع بوتين على إرسال قوات إلى سوريا ليس بمقدورها إنقاذ الأسد، ولا إعادة تأهيله.
وليس بمقدور التدخل الروسي أيضًا إعادة سوريا إلى ما كانت عليه، وكان أوباما محقا حين قال إنه لا يمكن أن تعود الساعة إلى الوراء، وبعد ما حدث بسوريا، وبالطبع فإن مشكلة أوباما أيضًا أن ليس لديه خطة، خصوصا عندما بدا أوباما يناقض نفسه وهو يؤكد على التزام بلاده بفرض النظام بسوريا، واصفا ما يحدث فيها بأنه «ليس مجرد شأن داخلي، وإنما معاناة إنسانية تؤثر علينا جميعا، وعندما تقطع جماعة إرهابية رؤوس الأبرياء وتستعبد النساء فإن هذا ليس مشكلة أمنية داخلية، وإنما اعتداء على البشرية جمعاء»، وهذا تحديدا ما كان يقوله العقلاء طوال الأعوام الأربع الماضية، وكانت إدارة أوباما تماطل، وتتجاهل!
وعليه فإن الحل الأمثل للرد على الخطوة الروسية بإرسال قوات إلى سوريا، ومحاولة لخبطة الأوراق هناك، هو الشروع في تنفيذ المقترح التركي، الذي قال الرئيس الفرنسي إن بلاده ستبحثه مع شركائها، والمتمثل بإقامة منطقة حظر طيران شمال سوريا. حينها سيأتي الجميع إلى طاولة التفاوض، وتتحرك عجلة الحلول الجادة، فأفضل رد على عدم وجود خطة روسية جادة هو وضع خطة، والشروع في تنفيذها فورا، وهذا الدرس الذي يفترض أن يكون الجميع قد تعلمه في الأزمة السورية.