إستناداً إلى المصادر الخليجية (صحيفة «الحياة» العدد 20099، الأحد 15 نيسان 2018 )، فإنّ ما وصفته بـ»الضربة الثلاثية» قد تركّزت على «ثلاثة أهداف» هي مركز للأبحاث والتطوير وإنتاج واختبار التكنولوجيا الكيماوية والبيولوجية العلمية، ومستودعَين مرتبطين ببرنامج السلاح الكيماوي في دمشق ووسط البلاد.
واستناداً إلى ما نقلته الصحيفة عن رئيس أركان الجيوش الأميركية الجنرال جو دانفورد فإنّ الضربات ادّت الى تدمير مبنى يحتوي على مركز تعليم ومختبرات علمية ومستودع اسلحة كيماوية حيث يرجّح إنتاج غاز السيرين فيها، والهدف الثالث هو مستودع مخصّص لمعدّات الاسلحة الكيماوية ومركز قيادة مهم. ونقلت «الحياة» عن البريطانيين قولهم إنّهم ضربوا مجمعاً عسكرياً يفترض انّ النظام يحتفظ فيه بأسلحة كيماوية.
وحسب مختلف المصادر فإنّ اكثر من 100 صاروخ غربي ( أُسقط 70% منها حسب مصادر الحكومة السورية) هي في الواقع بلا نتائج عسكرية تُذكر. فهل يمكن القول والحال هذه انّ هدف الضربة العسكرية الغربية بقيادة اميركية هو سياسي، ورمى الى اصابةِ اكثرِ من عصفور او هدف بصاروخ واحد؟ ورمى الى اشعارِ من يهمّهم الامر باستحالة تهميش او إقصاء الدور الاميركي – الغربي وحليفه العربي عن التسويات والحلول المتصلة بالمنطقة؟
تقول المصادر انّ العدوان الثلاثي أجّلَ عملياً رحيلَ القوات الاميركية عن سوريا وأضعَف الاصوات التي كانت تنادي بالتطبيع مع دمشق، وأدّى الى تغليب الدعوات المنادية بفرض مزيد من العقوبات على دمشق، وهذا سيَظهر جليّاً من خلال قرارات جديده تصدر عن الكونغرس وعن المجلس الوزاري الاوروبي، وهذه العقوبات ستزيد من الضغوط على علاقات دمشق بطهران.
وتقول المصادر ايضاً انّ الصواريخ الثلاثية المصدر أدّت الى تريّثِ الرئيس التركي رجب طيب اردوغان في الاندفاع نحو تعزيز علاقات بلاده الاقتصادية والسياسية مع روسيا والتي كادت ان تؤدي الى إضعاف حلف الاطلسي من البوّابه التركية.
وسوريّاً، استناداً الى المصادر عينها، فإنّ الشراكة الثلاثية أعادت تموضع الاطراف عينها في حلبة البحث عن حلّ سياسي لسوريا الجديدة، بما يحقّق لها ناتجاً سياسياً وحضوراً ملائماً من دون ان يترك الساحة السورية لموسكو وطهران، وبما يرضي أنقرة. ومع تمكّنِ القوات السورية وحلفائها من تحرير الغوطة وفرضِ انسحاب المسلحين وتداعي معنوياتهم، جاءت الضربة الثلاثية لتعيد لهم بعض الآمال بأدوار في أيّ حلّ قائم، ولتؤكد دعم فصائل الجنوب و»الجيش الحر» على الاقل، ولتؤكد أيضاً استمرار الغطاء الذي يوفّره اتفاقٌ على خفض التوتر بين الاميركيين والروس والأردنيين.
ويرى احد الخبراء انّ التحالف الثلاثي منح لنفسه الحقّ في وضع سوريا على منظار العمليات العسكرية الآن تحت مبرّر استخدام قوات النظام للسلاح الكيماوي في الغوطة، وربّما في المستقبل تحت حجّة تقليص النفوذ الايراني.
ويشبّه احد المراجع الضربة العسكرية الغربية الحالية بلعبة «الطرنيب» لجأ فيها الاميركي وشركاؤه الى محاولة «طرنبة» السيادة الروسية وإمساك الورقه السورية بقوّة والحركة العسكرية والمفاوضات التي أجراها الروس لإنهاء معركة الغوطة وإخراج المسلحين لمصلحة «النظام».
وقال إنّ توقيت «الضربة» جاء:
- لمنع الاتّجاه الى حلّ سياسي للمسألة السورية في هذه اللحظة السياسية التي يظهر فيها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رابحاً مميّزاً.
- لاستكمال الضغوط لتوقيع حلّ سياسي في اليمن على قاعدة تجريد الحوثيين من السلاح وضمان أمن المملكة العربية السعودية.
- في ذروة المعارك الانتخابية في لبنان وانطلاق الحملات الانتخابية في العراق والتي توحي نتائجهما بتقدّمِ الاطراف القريبة من طهران في كِلا البلدين (محاولة واشنطن التأثير في الانتخابات العراقية عبر تسريب معلومات عن انّ تنظيم «داعش» يعدّ لعمليات هجومية على الساحة العراقية بما يستدعي الحاجة الى دعم أمني وعسكري اميركي.
- تعثّر ما يوصَف بصفقة العصر الاميركية الخاصة بحلّ القضية الفلسطينية
وقد جاء توقيت الضربة ليصادف عشية افتتاح الملك سلمان عاهل العربية السعودية للقمة العربية في الظهران بقصدِ التأثير على نتائجها والنتائج المتصلة برعاية الملك سلمان لاختتام مناورات «درع الخليج المشترك ١» وهي المناورات الأضخم التي شهدتها المنطقة واستمرّت شهراً وشاركت فيها قوات برّية وبحرية وجوّية من 24 دولة، ولإطلاق مناورات «الأسد المتأهّب» في الأردن بمشاركة أميركية (للعام الثامن على التوالي) والدفع إلى استمرار مناورات «النجم الساطع» المصرية ـ الاميركية مع شركاء آخرين.
وقالت المصادر إنّ الرئيس اللبناني العماد ميشال عون أصابَ في توصيف الضربة العسكرية بأنّها نقلت الجهد العسكري من الوكيل (مختلف فصائل المعارضة) إلى الأصيل (قوات التحالف بقيادة أميركية) وقد صادفت الضربة الأميركية – الغربية تمديد حالة الطوارئ في مصر وتوقيع حكمِ المؤبّد على مرشد «الإخوان المسلمين» و17 عنصراً قيادياً آخرين، وإقدام عناصر إرهابية على استهداف القوات المصرية وحصول اشتباك كبير، وفلسطينياً انعدام فرصِ تحقيق المصالحة الوطنية، وفي السودان إجراء مشاورات حول تعديل حكومي، وجزائرياً تنسيق عسكري مع مجموعة دول الساحل الافريقي الخمس في عمليات لمكافحة الارهاب، في وقتٍ تزايدت مخاوف الجزائر من التهديدات الارهابية المتأتية من مناطق الساحل بسبب وجود مجموعات إرهابية تنشط في حزام يمتدّ من الصومال حتى دول الساحل القريبة من الحدود من الجزائر، وليبيّاً اصطدامُ الإدارة الاميركية برفض قائدِ الجيش الوطني المشير خلفية حفتر مشاركة القوات الاميركية الموجودة في افريقيا (افريكوم) في عملية تحرير مدينة درنة من الفصائل الارهابية، وهو الرفض الذي ترافقَ مع إشاعات حول الاوضاع الصحية للمشير حفتر وخضوعه للعلاج في فرنسا.
إذاً الضربة العسكرية الغربية بقيادة الولايات المتحدة لسوريا هدفَت إلى ترتيب نتائج سياسية على أكثر من محور لمصلحة اتجاهات السياسات الخارجية الاميركية – الغربية في الشرق الاوسط وشمال افريقيا، أو بثّ الخوف في مواجهة اعتراض سياسات واشنطن الخارجية.