Site icon IMLebanon

سوريا: الآخرون باقون والنازحون حيث هم

 

فصول الأزمة الوطنية في لبنان لم تكتمل بعد. ولا هي أقل تعقيدا من الأزمات والصراعات في المشهد الاقليمي المتغيّر الذي ترتبط به أزمتنا من دون أن يكون حلّها مرتبطا حكما بحلول تلك الأزمات. لا في سوريا، ولا في العراق، ولا في اليمن وكل ما يدور في الصراع الجيوسياسي على المنطقة. فما فعلته استقالة الرئيس سعد الحريري هو رؤية ما كنّا نغضّ النظر عن رؤيته في الصورة لحماية الاستقرار والتسوية السياسية. ومن يطلب عودة حزب الله من سوريا من أجل ما سمّاه الحريري استكمال التسوية يعرف أن عليه الانتظار طويلا لتحقيق حلم ليلة صيف في الخريف.

ذلك ان كل القوى التي دخلت حرب سوريا تبدو عازمة على البقاء. ولا يزال، وسط كل ما في تراجيديا الحرب وما بدّلته في الأزمة السورية، مكان لشيء من مسرح العبث. فالرئيس رجب طيب أردوغان الذي أدخل الى سوريا بالتفاهم مع موسكو وطهران قوات تركية تعتبرها دمشق قوات احتلال يطالب روسيا وأميركا بسحب قواتهما من سوريا. وموسكو التي تفاهمت مع واشنطن وعمان على منطقة خفض تصعيد جنوب سوريا كما على تقاسم العمل ضد داعش بين شرق الفرات وغربه تكرّر القول ان القوات الأميركية غير شرعية ولا قانونية لأنها جاءت بلا دعوة من دمشق ولا تفويض من الأمم المتحدة.

 

ولا شيء يوحي ان هناك من يخطط للخروج من سوريا. حزب الله باقٍ حيث يجب أن يكون. الايرانيون يعلنون بلسان الناطق باسم الخارجية بهزاد قاسمي انهم مستمرون في سوريا بعد القضاء الكامل على داعش. وزير الدفاع الأميركي الجنرال جيمس ماتيس يقول ان قواته باقية في سوريا. الروس باقون في القواعد الجوية والبحرية، أقله لنصف قرن حسب الاتفاقات. كذلك الأتراك.

والحسابات واضحة، وان كانت النهايات غامضة. فالذين أجمعوا على محاربة داعش يستعدون لخلافات ومعارك في صراع على المصالح بعد اسقاط دولة الخلافة الداعشية. وهم أيضا يراهنون على بقاء قواتهم لكي تضمن كل قوة دورها في أية تسوية سياسية مقبلة وفي مرحلة ما بعد التسوية. فكيف اذا كانت اللعبة تدور على الحصص في اعادة الاعمار؟ وكيف اذا كانت روسيا في حاجة الى أميركا وأوروبا ودول الخليج وكان شرط واشنطن للمشاركة في اعادة الاعمار قيام عملية سياسية جديرة بهذه التسمية؟

المفارقة المأسوية ان القوى الخارجية تخطط للبقاء في سوريا تاركة النازحين السوريين حيث هم خارج سوريا في بلدان الجوار وسواها. والنازحون في الداخل والى الخارج هم نصف الشعب السوري.