لا تستبعد مصادر ديبلوماسية غربية، ان يكون لاسرائيل دور عسكري مستقبلي في تصاعد الوضع بين الولايات المتحدة وايران، ذلك ان العقوبات تؤثر في الحد من نفوذ ايران لكنها ليست كافية.
اسرائيل قامت بالدعاية اللازمة للحرب منذ نحو ثلاثة اشهر مستهدفةً في دعايتها «حزب الله». لكن الموضوع قد يكون في اطار التحضير، لا سيما وانه مع الادارة الاميركية الحالية، ليس صعباً ان توافق معها على ذلك، وقد يكون في اطار التحذير. الخوف والقلق من اي سلوك اسرائيلي عسكري يبقى قائماً.
الاوروبيون منقسمون حول مسألة الطلب الاميركي اليهم اعتبار الجناح السياسي لـ «حزب الله» ارهابياً. هناك دول اوروبية تتأثر باسرائيل وتريد ادراج الجناح السياسي تحت لائحة الارهاب. وهناك دول اخرى مثل فرنسا لا تريد ذلك، وهي لعبت دوراً كبيراً في منع ادراجه نهائياً. ولولا دور الحزب في الحرب السورية لم تكن لتدرج الجناح العسكري فيه على لائحة الارهاب. حتى الآن ليس هناك من اجماع اوروبي حول الموضوع، لأن من يقف ضد الفكرة، يقول بأن لا تأثير لهذا الادراج ويتساءل عن النتيجة، ويعتقد ان المقاطعة للحزب لدى ادراج جناحيه العسكري والسياسي لن تؤدي الى الحوار معه والسعي لحل المشكلات. وعندما يتم الامتناع عن ادراج جناحه السياسي، يبقى للاوروبيين مجال للاخذ والرد معه. ويعتبر اصحاب هذا الرأي انه عندما تم ادراج «حماس» على لائحة الارهاب لم ينتج شيء عن الخطوة.
حتى الآن لم تضغط الادارة الاميركية بالشكل الكافي على الاوروبيين لتغيير هذا التعامل مع الحزب. وعندما يحصل الضغط الكافي، ستكون العلاقة الاوروبية مع واشنطن اولوية.
ولم تكن الضربة الاسرائيلية الاخيرة في سوريا على قواعد عسكرية، الاولى من نوعها، انما هذه الضربة هي الخامسة من نوعها في اقل من شهرين وهذا يعني وجود تفاهم روسي – اسرائيلي على ان يتم منع اي شيء يمس بالتوازن القائم في المنطقة او الاخلال به، اي ان اي تأكُّد اسرائيلي من حصول انتقال اسلحة تخلّ بالتوازن الذي يطال امنها القومي بحسب ما تعتبره، يمكن لها ان تستهدفه، ولو كان على الاراضي السورية.
وبالتالي، فان وجود عدد كبير من الطائرات الروسية في الاجواء السورية، يؤشر الى وجود إخطار مسبق اسرائيلي الى الروس بالضربة على مواقع في سوريا. كذلك اسرائيل اعلمت التحالف الدولي بالضربة وليس فقط روسيا. ولاحظت المصادر، ان الضربة السابقة قابلها رد عسكري سوري ولو بالشكل عبر المضادات الارضية والصواريخ.
بالنسبة الى الاميركيين فان مواجهة ايران و«داعش» تحتل الاولوية. وفي هذا السياق فان «حزب الله» مُستهدف اسرائيلياً لان اسرائيل كما الولايات المتحدة تعتبرانه امتداداً لايران ويصنّفانه حركة ارهابية، وهما تتواصلان مع الدول الاوروبية لكي تصنّف بدورها الحزب ارهابياً، ليس فقط في جناحه العسكري بل ايضاً في جناحه السياسي. اسرائيل، وفقاً للمصادر، رأت أن هناك تحركات لا ترتاح اليها، اي لناحية السعي لنقل سلاح نوعي الى لبنان، ومسار العقوبات على ايران والحزب يريح اسرائيل ويعطيها الشرعية وانطلاقاً من ذلك توجه ضربات للحفاظ على امنها القومي.
والضربة لم تكن مرتبطة بمفاوضات سورية داخلية، او بحل سياسي يتم السعي اليه، انما الهدف هو انه بالنسبة الى اسرائيل يجب الا يمتلك «حزب الله» سلاحاً نوعياً لا في جنوب لبنان ولا على مقربة من الجولان.
على ان توقيت الضربة الاخيرة يأتي على وقع التحضيرات لاعادة التموضع على الارض في سوريا، والسعي الاسرائيلي للتشديد على رسالة التوازن المطلوب الحفاظ عليه في المنطقة انطلاقاً من الموضوع السوري، يستبق حتماً التفاهمات العسكرية التي ستحصل، والتي ستستتبع هزيمة «داعش» المرتقبة. وتتوقع المصادر ان تتبلور السياسة الاميركية حيال الوضع السوري لدى الانتهاء من عملية مكافحة «داعش».
لذلك، الضربة الاسرائيلية جاءت ضمن حد معين لتوجيه رسالة محددة، لا سيما حول ان سوريا تبقى ارض المعركة بين اسرائيل واي طرف. وبالتالي التوجه اليوم الى الاستمرار اسرائيلياً في عدم فتح جبهة جديدة. وحتى الآن يكمن المتنفس الاسرائيلي بالنسبة الى لبنان، توجيه الضربات العسكرية داخل سوريا. انما لا يمكن الجزم ان نوايا اسرائيل صافية تجاه لبنان.