Site icon IMLebanon

الدورة سورية – داعشية…والراعي أوباما

بدأت أمس في نيويورك المقر الأبدي لمنظمة الأمم المتحدة الدورة الواحدة والسبعين للجمعية العامة التي تكون عادة من حيث الأهمية فرصة لكي تتم بين بعض قادة العالم لقاءات يتسم بعضها بالأهمية، وبالذات تلك التي تتم بين قادة من العالم الثالث لم يسبق لهم لظروف عامةأو خاصة أن زاروا رسمياً دول العالم الأول (أميركا وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا) ودول العالم الثاني (الدول الأوروبية). ثم تنعقد الدورة السنوية للجمعية العامة فتتم هذه اللقاءات إما للتعارف وإما لتجديد أواصر العلاقة بالنسبة إلى من سبق لهم أن تلاقوا.

وبالنسبة إلى رئيس الولايات المتحدة بالذات فإن مشاركته التقليدية في الدورة تشكِّل مناسبة لكي يجدد من خلال لقاءات عابرة يعقدها مع بعض القادة المشاركين التأكيد على تطوير العلاقة معهم أو على التفهم من جانب إدارته للظروف التي يعيشونها.

في هذه الدورة التي بدأت قبل أمس (الإثنين 19 أيلول 2016) وقد إقتربت ظاهرة الإنعقاد السنوي من مشارف الشيخوخة، لا فائدة من هذه اللقاءات بالرئيس باراك أوباما، بل وحتى لا مجال لغير تسجيل العتب عليه. فهو ينصرف بعد شهريْن ومن دون أن يكون قدَّم إلى أي من القادة العرب ما يُشكر عليه. ولقد أغدق الكثير من الوعود إلاَّ أنه كان مجاملاً في ما وعد به. ودليلنا على ذلك ما فعله مع مصر السيسي التي مارس عليها من الإحراجات والتعقيدات ما لا موجب لها، وما فعله بموضوع سوريا وكيف أنه في كثير من مراحل المحنة التي تعيشها كان يبدو كمن يريد إستمرار الفواجع التي تحدث يوماً بعد يوم. وكان في إستطاعة الرئيس أوباما تسجيل بعض النقاط الإيجابية في لوحة الأزمة اللبنانية لكنه لم يفعل ربما لأنه يفضل إستمرار تداعيات هذه الأزمة.وبالنسبة إلى اليمن فعل الشيء نفسه. ودائماً كانت إيران حاضرة إيجابياً في باله من دون الإفصاح عن ذلك.

وتبقى مواقفه من الموضوع الفلسطيني من أكثر المواقف مدعاة للأسف، ذلك أنه أوحى بما قاله منذ بدايات ولايته الرئاسية الأولى أنه مصمم على تحقيق تسوية تاريخية تُفضي إلى قيام دولة فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل. ونام الفلسطينيون في العسل على أساس أن هذا الرجل كونه من جذور أفريقية – مسلمة وبات أول رئيس غير أبيض للدولة العظمى، سيحقق ما عجز عنه الرؤساء السابقون من هاري ترومان الرئيس الثالث والثلاثين إلى جورج بوش الرئيس الثالث والأربعين وسيدخل التاريخ ويعوِّض الشعب الفلسطيني والعرب عموماً عملاً محموداً عن الجريمة التي ساهمت أميركا وروسيا ودول أوروبا في إقترافها، ونعني بذلك إغتصاب فلسطين وتقديمها هدية مقرونة بالمال والسلاح حتى الزمن الحاضر للصهيونية. وها هو أوباما يعلن على الملأ، وقبل أربعة أيام من حضوره إلى نيويورك للمشاركة في الجمع الأممي السنوي، عن حزمة مساعدات جديدة لإسرائيل بقيمة 38 مليار دولار لكي تساعد، على حد قوله، في ضمان قدرة إسرائيل على الدفاع عن نفسها في وجه التهديدات،عِلْماً بأنها هي وفي شخص نتنياهو الشرير التي تهدد، وهي التي كلما لاحت في الأفق إمكانية تحقيق تسوية للصراع العربي – الإسرائيلي تفتعل تعطيلاً  لهذه الإمكانية.

سيصافح الرئيس أوباما الكثيرين من الرؤساء العرب أو من يمثَّلهم في هذه الدورة. ولن يعتذر من أحد لأنه لم يف بما وعد به، وهم بدورهم سينتظرون في حال إستمروا، جميعاً أو البعض في مواقعهم سنة كاملة، إلى حين إنعقاد الدورة الثانية والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة لكي يلتقوا بالرئيس أو الرئيسة الرقم 45 لا ندري. فالمعركة الرئاسية الأميركية على إحتدام لا مثيل له، وهو في بعض جوانبه توأم الإحتدام الحاصل في لبنان من أجل ملء الفراغ الرئاسي. وفي الحالتيْن هنالك تشابه في أسلوب التخاطب الذي لا مثيل له من حيث الخشونة والخروج أحياناً على الأصول، وكل هذا تحت خيمة الديمقراطية المثقوبة أصلاً سواء في الولايات المتحدة أو في لبنان. والقول إنها مثقوبة لأن ما نسمعه منذ سنة من تصريحات تتمحور حول الرئاسة تفتقد في جوانب كثيرة إلى الرصانة وتتجاوز لغة الحوار السائد حدود اللياقة وصولاً إلى المس بالكرامات.

صبراً بني فلسطين وأشقاءَهم من المحيط إلى الخليج. إنه مفتاح الإنفراج وإن طال الزمن. لعل الدورة الثانية والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة تكون دورة وضْع قضاياهم في صُلب الإهتمام وتكون أفضل بكثير من الدورة الحالية، التي جاءت بما قيل من كلمات رؤساء الوفود وبما جرى من أحاديث في الكواليس دورة سورية – داعشية بإمتياز رعاها الرئيس أوباما الذي كانت سنواته الرئاسية على مدى ولايتيْن لا جدوى منها لجهة إيجاد حلول عاقلة لأوضاع هستيرية.