Site icon IMLebanon

سوريا.. الحل والنفط!

من الطبيعي أن يهتم الإعلام العربي بالشق الخاص بالأزمة السورية في المؤتمر الصحافي السنوي الذي عقده الرئيس الروسي فلاديمير بوتين٬ إلا أنه لا يمكن تجاوز حديث بوتين عن الاقتصاد الروسي٬ وأسعار النفط٬ وميزانية 2016 المرتقبة.

روسيا اليوم في معركة مفتوحة الجبهات٬ مثلها مثل إيران٬ مع اختلافات بالطبع٬ إلا أن القاسم المشترك بين موسكو اليوم وطهران هو التوسع٬ وفتح جبهات عدة.

في الحالة الروسية هناك أوكرانيا٬ والعقوبات الأوروبية الخاصة بهذا الملف٬ وهناك سوريا٬ والعمليات العسكرية المستمرة فيها من قبل الروس منذ أواخر شهر سبتمبر (أيلول) الماضي٬ ودون تحقيق نتائج حقيقية على الأرض٬ أو تقدم ملموس سياسيا نحو الحل السياسي٬ ولا يزال بشار الأسد في عداد المتوفى سياسيا.

الرئيس الروسي يقول في مؤتمره الصحافي السنوي إن بلاده اجتازت ذروة الأزمة الاقتصادية٬ لكنه يحذر من التقييم المفرط بالتفاؤل في حساب الميزانية للعام المقبل٬ التي حسبت٬ بحسب قول بوتين٬ «بناء على 50 دولاًرا لبرميل النفط»٬ مضيًفا أن السعر الحالي هو 38 دولاًرا٬ و«لذا سنضطر لإصلاح ذلك».

حسًنا٬ لغة بوتين هذه٬ اقتصاديا٬ هي لغة حذرة٬ وبمثابة خفض لسقف التوقعات في روسيا نفسها٬ وعليه فإن السؤال هو: إلى متى يستطيع بوتين الاستمرار في العملية العسكرية في سوريا؟ وكذلك في أوكرانيا؟ خصوًصا أن روسيا تعتمد على العائد النفطي! هل بمقدور بوتين أن يكابر ويستمر في العمليات العسكرية دون تحقيق نجاح ملموس٬ ورغم انخفاض أسعار النفط٬ التي يحذر هو نفسه اليوم من عواقب انخفاضها على الاقتصاد الروسي٬ أم أنه سيضطر لتسريع وتيرة الحل السياسي للأزمة السورية؟ اللافت أن الرئيس بوتين نفسه أعلن٬ وبعد زيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري لموسكو٬ تأييده «بشكل عام مبادرة الولايات المتحدة٬ بما في ذلك الاقتراح حول إعداد مشروع دولي حول سوريا». وقال بوتين: «أعتقد أنه بعد أن تتعرف القيادة السورية على نقاط القرار يجب أن تقبل به»٬ مضيفا: «ربما هناك بعض النقاط التي لن تعجبها»!

وتأتي تصريحات بوتين هذه بعد تسريبات لدبلوماسيين عن تحقق بعض التقدم بشأن أصعب نقطة بمحادثات الأزمة السورية٬ وهي مصير الأسد٬ حيث أشار الدبلوماسيون إلى أن روسيا قد لمحت إلى عدم معارضتها لخروج الأسد بنهاية مرحلة انتقالية٬ وإن كانت تحجم عن الإقرار بذلك علانية. وعليه هل علينا متابعة الجهود السياسية لحل الأزمة السورية وفق المعطيات العسكرية على الأرض٬ وما يدور خلف الأبواب المغلقة دبلوماسيا؟ أم أن الأجدى هو متابعة أسعار النفط؟

فإذا كان بمقدور بوتين مواصلة العمل العسكري دون الاكتراث للرأي العام الروسي٬ من ناحية الوقت٬ والخسائر٬ فهل بمقدور بوتين أن يواصل بنفس السرعة٬ والاتجاه٬ في سوريا٬ وأوكرانيا٬ متجاهلاً أسعار النفط؟ السؤال مرة أخرى هو: هل يطمح بوتين لحل سياسي فعلاً بسوريا٬ أم أنه يتصرف وفًقا لسعر النفط٬ ومدى تحمل الاقتصاد الروسي