Site icon IMLebanon

سوريا فرملت التسوية الرئاسية

تعقّدت الأجواء المحيطة بالتسوية الرئاسية، وبات متعذّراً في ظل الظروف المتوتّرة الحالية، السير بأي حلول سياسية بعد الأحداث الإقليمية الأخيرة، ولا سيما الأمنية منها، نتيجة قطع العلاقات الديبلوماسية بين ايران والمملكة العربية السعودية وتصاعد العنف في سوريا وانقطاع خطوط التواصل في المنطقة وتعليق الحلول بفعل الانشغال الدولي كما العربي بالازمة الاقليمية. وفي هذا السياق، كشفت مصادر ديبلوماسية عربية أن دمشق قد أدت دوراً أساسياً في التسوية الرئاسية التي كان طرحها الرئيس سعد الحريري أخيراً، والتي وصلت الى باب مسدود. وأضافت أن العاصمة السورية قد فرملت زخم هذه التسوية، وذلك من خلال دور بارز للنائب طلال إرسلان، الذي تولى مهمة التنسيق بين دمشق وقوى 8 آذار، وهو الأمر الذي أثار إرباكاً والتباساً لدى أوساط النائب سليمان فرنجية،على اعتبار علاقته الوثيقة بالرئيس بشار الأسد، وبالتالي التنسيق التام بينهما في كل المراحل السياسية.

وأشارت المصادر نفسها الى أن التحرك الذي قاده النائب إرسلان بين دمشق وبيروت قد حظي بدعم من «حزب الله» ومن كل مكوّنات فريق 8 آذار، والذين اتفقوا على فرملة التسوية الرئاسية بهدف قطع الطريق على الحريري للوصول الى موقع رئاسة الحكومة كما كان مقرراً أو متوقّعاً بنتيجة التسوية المذكورة، والاتفاق الذي تم بين الحريري وفرنجية خلال لقائهما الأخير في العاصمة الفرنسية باريس. وأوضحت أن ما تردّد لاحقاً عن جملة عناوين سياسية داخلية وخارجية، تم الاتفاق عليها في هذا الإطار، قد دفعت قوى فريق الثامن من آذار الى التعاون وتشكيل حلف متماسك في وجه هذه التسوية وقطع الطريق امام وصولها إلى أي نتائج إيجابية، خصوصاً بعد الدعم الإقليمي وتحديداً السعودي لها بالإضافة إلى الدعم الدولي الواضح لها.

ولفتت المصادر عينها، الى تأثير هذا الواقع في طبيعة العلاقات بين خلده والمختاره في الأسابيع الماضية وافتراق كل من إرسلان والنائب وليد جنبلاط في المقاربة السياسية لكل الملفات الداخلية منذ حراك إرسلان الأخير، وقد ترجم هذا الافتراق في الموقف إزاء قانون الانتخاب وإزاء معالجة أزمة النفايات وصولاً إلى الأزمة السورية. واعتبرت المعلومات نفسها، أن من شأن هذا الأمر أن ينعكس بشكل سلبي على مستقبل العلاقات بين الطرفين، والتي تتجه إلى التوتر، وذلك على الرغم من التوافق على أولوية استقرار الجبل. وأضافت ان الالتقاء بات شبه مستحيل في المرحلة المقبلة، وإن كان الاستحقاق الرئاسي لا يزال مطروحاً بقوة على طاولة البحث بين تيار «المستقبل» و«حزب الله»، وذلك بصرف النظر عن التطورات الإقليمية.

وفي إطار آخر، قالت المصادر نفسها ان الأسابيع المقبلة ستفضي إلى أجواء من شأنها الانطلاق في مساعٍ جديدة لانتخاب رئيس الجمهورية، لافتة الى خيارين لا ثالث لهما مطروحين على الساحة الداخلية، أولاً إعادة تفعيل تسوية باريس. وثانياً التفتيش عن مرشح توافقي بعد حرق أكثر من اسم شخصية مرشّحة خلال الأسابيع الماضية. واوضحت أن الخيار الأول يواجه جبهة رفض قوية من دمشق و«حزب الله»، وقد عبّر الحزب بوضوح ومن الصرح البطريركي عن موقفه هذا. أما بالنسبة للخيار الثاني، فإن المناخات الإقليمية والدولية لا تزال غير واضحة في هذا المجال كما كانت بالنسبة لترشيح فرنجية، مما يعني من الناحية العملية جمود كل التحرّكات الداخلية، مع اتساع رقعة الخلاف السياسي والتصعيد الإقليمي، خصوصاً وباختصار عودة الجميع في 8 و 14 آذار إلى بداية الأزمة الرئاسية.