Site icon IMLebanon

هدنة سوريا تُبدّد زخم تدخّل برّي؟

للمرة الثانية في أقل من أسبوعين، يعلن الأميركيون والروس وقفاً للنار لن يكون مصيره في أحسن الأحوال إلا مصير سابقه الذي انهار حتى قبل أن يبدأ. فلا أحد يتوقع أن يحل السبت المقبل وقد بدأ المتحاربون استراحتهم وانقشعت الرؤية في سماء البلاد وراحت المساعدات تتدفق الى المناطق المحاصرة.

كان مفترضاً أن يكون اتفاق كهذا “بارقة أمل” كما وصفه الامين العام للأمم المتحدة بان كي – مون، بعد خمس سنوات من حرب طاحنة هجّرت نحو نصف سكان سوريا من منازلهم وأحيائهم، الا أن تسوية ترتكز كلياً على النيات الحسنة لا يمكن الاعتماد عليها لوقف المذبحة وبدء المسار السياسي.

أما النظام، فسعى الى النأي بنفسه عما يحصل. فالرئيس السوري بشار الأسد الواثق من نفسه، بعد النجاحات الاخيرة التي سجلها له حلفاؤه في شمال البلاد، أعلن مساء أمس أن الانتخابات النيابية ستجرى في موعدها المقرر في 13 نيسان المقبل. اعلان كهذا يشكل تحدياً للجهود الدولية برمتها، بما فيها الروسية الرامية الى ادراج هذه الانتخابات في”خريطة الطريق” للعملية السياسية نفسها.

وفي أي حال، لا تقتصر أوجه الخلل في الاتفاق على الخطط السياسية للاسد. ذلك أن “تصنيف” الجماعات الارهابية في سوريا بات ثغرة فاضحة كفيلة بتقويض أي اتفاق، إذ يمكن النظام وحلفاءه النفاذ منها لمواصلة هجومهم العسكري، وخصوصا في حلب حيث تتداخل الجبهات والمحاور ومعها الفصائل المتحاربة. والثغرة نفسها تتيح لأنقرة مواصلة قصفها لـ”وحدات حماية الشعب” الكردية. أما واشنطن التي حاولت عبثاً الضغط على تركيا لوقف هجومها على هذه الوحدات، فلن تكون قادرة هذه المرة أيضاً على وقفها.

لن تغير الكثير موافقة واشنطن وموسكو على ضمان وقف الاعمال العدائية ومراقبتها، ولا “الخط الساخن” بينهما سيكون كفيلاً بلجم الانتهاكات عند حصولها. وبعد السبت لن يختلف الوضع كثيراً عما كان قبله، فتركيا ستواصل قصف “وحدات حماية الشعب” ومعها المناطق التي تعتبرها فناءها الخلفي، وستمضي روسيا في غاراتها على الفصائل التي تصنفها ارهابية، وقد توسعها الى ادلب حيث تسيطر “جبهة النصرة”، وبغطاء دولي واسع. فمقاتلو الجبهة منتشرون لا في ادلب فحسب، وإنما أيضاً في حلب وجنوب سوريا، وهكذا ستكون الفصائل التي لا تدور في فلك “النصرة” ولا “داعش”، ومعها مدنيون، هدفاً لمزيد من الغارات الروسية، وهذه المرة بغطاء دولي.

كل ما في هذا الاتفاق المتسرّع يوحي بأنه لن يكون الا محاولة جديدة فاشلة من الغرب لاستيعاب هذه الحرب التي بلغت مستويات جديدة من العنف، وجهد اضافي لاستيعاب زخم تجلى أخيراً في تصريحات خليجية لتدخل بري في سوريا.