ما يجري في جنوب سوريا من تطورات ومعارك وحتى تسويات يثبت أمرين اثنين: الأوّل أنّ ذلك كله يصب في مصلحة إسرائيل، والثاني أنّ الرئيس الروسي ڤلاديمير بوتين هو الحاكم الفعلي في سوريا، أما النظام السوري فليس أكثر من «خيال الصحراء» حسب المثل اللبناني السائر.
وبدأت العملية بتفاهم أميركي – روسي على تكليف روسيا نقل السلاح الكيميائي الذي استخدمه النظام ضدّ شعبه في سوريا الى الخارج، فكانت بداية تثبيت أقدام الدب الروسي في سوريا… وانسحاب «اليانكي» الأميركي تدريجياً من اللهيب السوري.
ثم تفاهم الأميركي والروسي على خط التماس شرقي سوريا، وهو نهر الفرات حيث تعتبر مناطق غربي النهر منطقة نشاط القوات الروسية والحكومة السورية والقوى المتحالفة معهما وشرقي النهر منطقة نفوذ القوات الاميركية وقوات سوريا الديموقراطية التي تدعمها في ملاحقة بقايا تنظيم «الدولة الاسلامية» قرب وادي نهر الفرات حتى الحدود مع العراق.
ومن ثم انكفأ الاميركي بعدما ورّط المعارضين في درعا وإدلب بتهديدات (تبيّـن أنها فارغة) وجهها الى دمشق وموسكو معاً محذراً من أي هجوم يقومان به… وحدث ما حدث ولا يزال يحدث وامتد الى منطقة الجولان فيما لم يصدر عن الاميركي إلاّ ما يبدو أنه مباركة للدور الروسي المهيمن على سوريا…
وكانت وكالات الأنباء العالمية ذكرت أنّ قائد «المرتزقة» الروس في سوريا هو من المقاتلين السابقين في منطقة الدونباس شرقي أوكرانيا، وكان يُعرف بالاسم الحركي «فاغنر» وكانت أوّل مشاركة له في المعارك بسوريا عام 2013 حسبما نقل عن شخصين مقرّبين منه، وبعدها عاد الى شرقي اوكرانيا ليقود مجموعة من المقاتلين الروس هناك.
ونشر موقع محطة ABC التلفزيونية الاميركية في وقت سابق تقريراً مفصلاً تحت عنوان «جيش فلاديمير بوتين السرّي: آلاف من المقاولين الروس يقاتلون في سوريا» جاء فيه مجموعة «فاغنر» قد نشرت في سوريا 3 آلاف مقاتل منذ 2015، قبل أن تتمكن القوات الروسية من ترجيح كفة الميزان لصالح بشار الأسد، وتحدّث التقرير عن دوافع روسيا من إرسال هؤلاء المقاولين وأولها أنّ بوتين يمكنه القول إنّ انتصار روسيا في سوريا جاء من دون خسائر تذكر في صفوف الجنود الروس إذ أنّ المقاولين يموتون بدون ضجيج وليسوا على قيود وزارة الدفاع الروسية.
والسبب الآخر أنّ المقاولين الروس يتولون حماية المنشآت النفطية والغازية التي يتم استردادها من الجماعات المسلحة بموجب عقد بين الحكومة السورية وشركة «ايفرو بوليس» الروسية والتي يُقال إنّ مالكها رجل أعمال مقرّب من بوتين ويلقب بطباخ بوتين حيث ستحصل الشركة على نسبة الربع من عائدات الحقول التي يتم استردادها من «الدولة الاسلامية» ولمدة خمس سنوات.
أوردنا ما تقدّم لنبيّـن كيف بدأت الهيمنة الروسية على سوريا، ثم تعاظمت ومن ثم وصلت الى حدود السيطرة الكاملة على هذا البلد العربي الذي بات الروسي يتحكم حتى بقرار عودة النازحين السوريين أو أن يبقوا في الخارج.
ولم نتناول هنا الوجود الروسي الدائم عبر قاعدة طرطوس البحرية وقاعدة حميميم الجوية، لكثرة ما ذكرناه سابقاً.
عوني الكعكي