IMLebanon

“سوريا المفيدة” وتدعيش المعارضة!

لن ينزل بوتين الى الأرض ولن يقاتل في الميدان السوري إنه يقصف من الجو ومن ارتفاعات عالية، لكن وحول المستنقع الدموي السوري تستطيع ان تحلّق عالياً ايضاً، لتلوّث صورته وتصنّف تدخله اذا استمر على وتيرته الحالية في استهداف مواقع المعارضة، كأنه يخدم “داعش”، وبما قد يفضي أو يفرض قيام الدولة العلوية التي باتت الآن قاعدة عسكرية روسية، يستشيط الإيرانيون غضباً حيالها!

هل من المعقول ان يكون العالم من أقصاه الى أقصاه كاذباً وبشار الأسد الصادق الوحيد، إضافة طبعاً الى بيانات موسكو عن عمليات القصف، الذي يقال إنه يستهدف “داعش” بينما تؤكد واشنطن ولندن وباريس وأنقرة وبون والتقارير الميدانية التي ترصد العمليات، انه يستهدف مواقع المعارضة، التي أعلنت أمس تنديدها باستهداف مناطق مدنية جنوب دمشق وشرق أدلب بهدف تهجير أهلها بما يتلاءم مع التطهير المذهبي المطلوب لقيام “دولة سوريا المفيدة” على ما قيل ان موسكو لمّحت إليه بمعنى قيام الدولة العلوية!

كان من الفاضح ان تعلن موسكو بعدما تعرضت للانتقادات في اليوم الثالث لبدء عملياتها الجوية، بسبب تركيز الضربات على مواقع المعارضة، انها تعتمد على الإحداثيات التي حددها النظام السوري، الذي ليس هناك في بنك اهدافه سوى مواقع المعارضة، أما “داعش” فقد كانت منذ البداية سلاحه السري الذي أطلق نواته من السجون ثم استعمله لتحويل مسار الحرب من صراع شعب ضد النظام الى قتال مزعوم للنظام ضد الإرهاب!

مسخرة المساخر ان لا تعرف القيادة الروسية مثلاً ان الجيش السوري نفّذ ٩٨٢ عملية عسكرية عام ٢٠١٤، ويتبيّن ان ستة في المئة منها فقط كانت ضد “داعش” ربما على سبيل التعمية، أما العمليات الأخرى فكانت ضد المعارضة، ومسخرة المساخر مثلاً ان تتحدث البيانات العسكرية الروسية عن تنفيذ ستين غارة في ثلاثة أيام وتتجاهل وقوع أكثر من ٤٠ قتيلاً من المدنيين السوريين!

ومهما بلغ الانزعاج الغربي المزعوم من الانزلاق الروسي الى القتال في سوريا ليس من المعقول ان ينخرط أوباما وديفيد كاميرون ومانويل فالس وأنغيلا ميركل، إضافة الى رجب طيب اردوغان، في بث الأكاذيب عن استهداف القصف الروسي المعارضة كما يقول الاسد، الذي يتهم دول “الائتلاف الدولي ضد الإرهاب بأنها هي التي صنعت الإرهاب وتدعمه!

في أي حال لن يؤدي القصف الجوي الى تغيير في المعادلات الميدانية، اللهم إلا المساعدة في تحسين وتدعيم عملية ترسيم حدود الدولة العلوية، واذا استمرت وتيرة القصف مستهدفة المعارضة وفق بنك الأهداف الذي حدده النظام، سيقدّم بوتين أكبر خدمة لتنظيم “داعش” لكنه سيكون قد انزلق الى وحول أفغانستان سورية بعينين مفتوحتين… وطبعاً بدفع خبيث من أوباما!