Site icon IMLebanon

“سوريا المفيدة” لإيران و”غير المفيدة” للسعوديّة!

يعتبر المُتابعون العرب أنفسهم لأوضاع سوريا أن انقسام سوريا إلى “مفيدة” و”غير مفيدة” هو تقسيم واقعي لها وذلك ريثما يتمّ التوصّل إلى تسوية نهائيّة للحروب المتنوّعة فيها. ولا يستبعد هؤلاء إنقسام سوريا “غير المفيدة” مناطق نفوذ بين التنظيمات المُحاربة للأسد. والطريقة الوحيدة لتفادي الإنقسام الأخير هي تدخّل دول عربيّة عسكريّاً وبدعم أميركي ضد “داعش” في سوريا “غير المفيدة”، عندما تكون روسيا وإيران تستكملان تأسيس “سوريا المفيدة” باستعادة حلب ومحافظة إدلب وريف العاصمة دمشق. وإذا نجح هذا السيناريو تكون الدولتان الإقليميّتان المتحاربتان عسكريّاً بالواسطة وسياسيّاً وإعلاميّاً وربما أمنيّاً في صورة مباشرة أي إيران والسعوديّة تعملان منفردتين، ولكن لاقتطاع قسم من سوريا للأسد وطائفته وأقليّات أخرى وترك القسم الآخر للغالبية السنيّة.

هل هذه الصيغة قابلة للحياة؟

هي لا تبدو كذلك في نظر المُتابعين أنفسهم. فسوريا “غير المفيدة” السنيّة لن يكون لها منفذ بحري وعاصمتها “الطبيعيّة” دمشق ستكون عاصمة غريمتها “سوريا المفيدة”. وأمر كهذا لا بدّ أن يجعلها موقّتة في انتظار حلول نهائيّة. وقد يكون أحد الحلول إقامة نظام فيديرالي في سوريا عندما تتهيّأ الظروف الإقليميّة والدوليّة، فتعود دمشق عاصمة الجميع وتعود المنافذ البحرية جاهزة لاستعمالهم. وعدم حصول ذلك يعني أن باب الحلول النهائيّة لا يزال مُوصداً، وأن ساحة القتال لا تزال مشرّعة الأبواب، وأن الحلول، وهي ليست بحلول، لن تكون وحدة سوريا جزءاً منها، كما لن تكون منها أيضاً الوحدة الجغرافيّة للعراق. ذلك أن الاستعدادات للهجوم على “داعش” في الأراضي السوريّة والعراقيّة التي تحتلها مستمرّة. لكن الخطط لا تزال توضع له ونجاحه قد يفتح الباب أمام حلٍ آخر يقضي بإقامة إقليم سنّي أو “دويلة” سنيّة في منطقتين سورية وعراقية. ويعني ذلك أن التغييرات المرتقبة قد تتناول الصيغ داخل الكيانات القائمة بفضل “سايكس – بيكو”، كما قد تعدّل في جغرافياتها وحدودها. وهذا أمر خطير لأن تداعيّاته ومضاعفاته ستكون كبيرة. ذلك أنه يفتح الشهيّة لتعديلات مماثلة في دول عربيّة أخرى. إنطلاقاً من ذلك يمكن فهم التحرّكات العسكريّة أو التلويح بها الذي تقوم به الدول المعنيّة في المنطقة وخصوصاً السعوديّة وتركيا، باعتبار أن الدولة الأكثر فاعلية في المعسكر الآخر أي إيران تتحرّك عسكريّاً ومن زمان وفق خطط مدروسة ومعروفة ومن أجل أهداف مدروسة ومعروفة أيضاً. لكن ما لا يمكن فهمه حتى الآن هو ما الذي ستقوم به أنقرة والرياض عسكريّاً؟ ربما لا يعرف المسؤولون في العاصمتين ذلك حتى الآن لأنّهم يتشاورون في شأنه ويعدّون له ويتباحثون فيه مع الراعي الأكبر لهم أي أميركا. وقد أثار التخبّط والتناقض في الأخبار والخطط والمبادرات عند هؤلاء الحيرة عند الشعوب العربيّة وخصوصاً التي تراهن عليهم للتخلّص من “خطر فارسي” أو من “خطر مذهبي”. فتركيا تريد منطقة آمنة في سوريا، وأسقطت طائرة عسكريّة لروسيا، وتريد التدخّل عسكريّاً في سوريا، وتريد ضرب “داعش” والتنظيمات الأخرى المشابهة له، وفي الوقت نفسه تقول أنّها لن تتدخّل عسكريّاً، و”تتحاشى” “التقاتل” مع روسيا، وتتشاور مع حلف شمال الأطلسي وواشنطن اللّذين ينصحان بالهدوء والتعقّل، ولا تغلق الحدود في صورة تامّة أمام الذين يقاتلون النظام السوري. أمّا السعوديّة فهي عضو في “التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب” الذي أنشأته واشنطن. كما أنّها أنشأت تحالفاً عربيّاً إسلاميّاً مشابهاً ولكن لأهداف أخرى معروفة، وهدّدت أخيراً بإرسال قوات بريّة إلى سوريا. وهي تتشاور مع العرب لمساعدتها في ذلك، وتشن حرباً جويّة على المتمرّدين في اليمن. فهل ستستطيع القيام بذلك كلّه؟ وهل ستغطّي حليفتها وراعيتها أميركا ذلك كلّه؟ وهل تستطيع أن تُقدم على كل ذلك من دون التزام أميركي فعلي بالمساعدة والحماية؟ هذه أسئلة على الرياض أن تجد أجوبة عنها. طبعاً أعلنت الامارات العربية المتحدة استعدادها للاشتراك في حملة بريّة في سوريا ولكن بقيادة أميركا. وأظهرت بذلك فطنة وذكاء. كما أعطت نصيحة غير مباشرة إلى شقيقتها الاكبر السعوديّة بعدم تجاهل أميركا أو بعدم توريطها لأنه لن ينجح.

ماذا ستكون عواقب الانخراط الحربي السعودي الخليجي العسكري في سوريا والأميركي في العراق ضد “داعش”؟