فعلاً يكاد لا يمر يوم واحد ومنذ مجيء فخامة الجنرال ميشال عون الى الحكم إلاّ وهناك ممارسة لإلغاء «الطائف» تحت عنوان «استرجاع حقوق المسيحيين». مع التشديد على «الإصلاح والتغيير»، الذي مارسته جماعته في الحكم، وعلى رأسهم صهره العزيز الذي يحاضر بالعِفّة، بالرغم من انه مسؤول عن مليارات الدولارات التي هُدِرَت في وزارة الاتصالات، والطامّة الكبرى كانت في وزارة الطاقة: كانت وعده الشعب بـ24/24 إنارة. وبالرغم من هذا الهدر لا أعرف كيف أصف الحالة الشاذة التي مارسها في تلك الوزارة مع سكرتيره سيزار ابي خليل وسكرتيرة سكرتيره السيدة ندى البستاني. ولا أُحمّل الوزير غجر مسؤولية لأنه جاء متأخراً… ولا ننسى قضية السدود بدءاً بسد شبروح وانتهاء بغيره. ورغم ان الكهرباء كلفت 65 مليار دولار راح «فخامته» يطالب بالتحقيق الجنائي الذي يجب أن يبدأ بـ45 مليون دولار لا تزال في فرنسا، يوم حوّلها عندما كان رئيس حكومة عام 1988. والأنكى أنه لا يترك مناسبة إلاّ ويقول فيها، إنه يريد أن يحارب الفساد. فعن أي فساد يتحدّث؟.. لا أحد يعلم.
فخامة الرئيس أريد أن ألفت نظرك الى اننا في نهاية سنتك الخامسة، وأنت تتحدث بالإصلاح.. فبالإذن منك «فات السبت بـ… اليهودي».
بالعودة الى الوفد الوزاري الذي ذهب الى دمشق من أجل الحصول على موافقة سوريا لاستجرار الغاز المصري عبر الأنابيب الى الاردن ومن الاردن الى سوريا ومن سوريا الى لبنان. من حيث المبدأ النية طيّبة، ولكن لا بد من التوقف عند أمرين اثنين:
أولاً: كيف يذهب وفد حكومي الى سوريا وهناك انقسام بين أبناء الشعب حول الموقف من النظام السوري… صحيح ان هناك قسماً حارب الى جانب النظام، وقتل الشعب السوري.. لكن هناك قسماً أكبر لا يزال لا يرغب بالتعامل مع النظام السوري.
من ناحية ثانية، الحكومة مستقيلة… فكيف يُؤلّف وفد ليقوم بمهمة رسمية، ومَن الذي أعطى الموافقة على تلك المهمة؟
كذلك ما هو رأي ما يُسمّى برئيس الحكومة المستقيلة الدكتور حسان دياب… وهل عنده علم بذلك؟ أم ان من يقرّر هو فخامته وحده، ولا حاجة لموافقة من الحكومة؟ وهنا لا بد من العودة الى اتفاق الطائف… فهذه مخالفة دستورية يجب محاسبة رئيس الجمهورية عليها..
ثانياً: أما الارتكاب الذي لا يمكن لأحد أن يقبل به فهو صورة الوفد الرسمي اللبناني برئاسة وزيرة الدفاع ونائبة رئيس الحكومة مع وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، بوجود علمين سوريين بدل علم سوري وآخر لبناني كما تقتضي الأصول والبروتوكول، وهل نسي الوفد بسبب السرعة ما هو البروتوكول وما هي الأصول؟
الذي حدث فعلاً، لا يمكن السكوت عليه. فإذا كان لبنان بحاجة الى الغاز، لحلّت القضية إذا كان مهرّبو البنزين والمازوت بالسعر المدعوم الذين كلفوا الدولة والبنك المركزي أكثر من 6 مليارات امتنعوا عن فعلتهم وتصرّفوا بضمير.
صحيح ان العلاقات بين الدولة اللبنانية والدولة السورية، يجب أن تصحّح، لكن الاعتداء الذي حصل هو من الحكم الحالي في سوريا، ولولا اغتيال شهيد الوطن الرئيس رفيق الحريري لكان حكم المخابرات السورية لا يزال موجوداً، ولكن دم شهيد لبنان هو الذي أخرج السوريين.
■ ■ ■
محمد ديب دعبول (أبو سليم) في ذمة الله
غيّب الموت رئيس مكتب رئيس الجمهورية السورية المرحوم محمد ديب دعبول (أبو سليم) مدير مكتب الرئيس المرحوم حافظ الأسد منذ 51 سنة… وعندما تسلم الرئيس بشار أبقى المرحوم مديراً لمكتبه كما كان أيام أبيه ومعه أيضاً المرحوم المستشار السياسي للرئيس حافظ الأسد أسعد كامل الياس الذي توفي أيضاً رحمه الله.
بالمناسبة ان معرفتي بالمرحوم (ابو سليم) تعود الى عام 1972، والمرحوم كان من أهم وأبرز رجالات الحكم في سوريا. وأذكر انه في مرّة من المرات طلب مسؤول كبير في أحد الاحزاب موعداً من الرئيس المرحوم حافظ الأسد فحدّد الموعد بعد أربعة أشهر، كذلك عندما جاء الموعد ذهب المسؤول الكبير لينتظر في مكتب «أبو سليم» 4 ساعات كي يقابل الرئيس…
تغمّد الله الفقيد بالرحمة وأسكنه في واسع جناته… وإنا لله وإنا إليه راجعون.