IMLebanon

حرب سوريا آلا كارت  وحقل رماية حرة

 ليس ما بدأت به ومن أجله حرب سوريا هو الطاغي على المشهد الحالي. فلا ما تغير هو فقط طبيعة الحرب بل أيضاً نوع التسوية السياسية التي يُراد التوصل اليها. ولا ما قاد الى تعدد الأطراف المنخرطة في الحرب من خارج البلد يتوقف فعله عند تعدد الأهداف وتناقضها. واذا كان العالم يلتفت بشيء من الحرارة الى الدمار الذي حل بسوريا والمآسي التي لاحقت شعبها موتاً واختفاءً ونزوحاً وجوعاً وقمعاً، فإنه ينظر بعقل بارد الى مصيرها في الصراع الجيوسياسي.

ذلك ان الحرب صارت تُدار، كما التسوية، على طريقة آلا كارت. فكل طرف ينتقي المعارك التي يريد خوضها وكل طرف يعطي الأولوية لخدمة مصالحه، وهو يتحدث عن الأولوية لمحاربة الارهاب. الروس يختارون التركيز على قصف المعارضين الذين يهددون مواقع النظام وإن كان الشعار محاربة داعش. والأميركان ومن معهم في التحالف الدولي ينتقون قصف مواقع لداعش. والروس والأميركان معاً يدعمون مقاتلي حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي الذين يعتبرهم الأتراك ارهابيين ويقصفونهم في ريف حلب الشمالي لمنعهم من السيطرة على إعزاز، وعملياً لمنع الترابط الجغرافي بين المناطق التي يسيطر عليها الأكراد مقابل الحدود السورية مع تركيا.

وليس القصف التركي المباشر سوى أحدث الفصول في سيناريو التدخل في سوريا التي صارت حقل رماية حرة. رماية حرة للنظام ولمئات التنظيمات المسلحة سواء منها المطالب بالانتقال الديمقراطي أو المصر على قيام دولة اسلامية. ورماية حرة لروسيا وأميركا وفرنسا وبريطانيا وايران وقوى عربية واقليمية. واذا كانت واشنطن تركز على داعش وجبهة النصرة ضمن التنظيمات الارهابية، فإن موسكو تضع كل من يرفع السلاح ضد النظام في خانة الارهاب. وكلما حشرها الغرب واتهمها بقصف المدنيين ومعارضي النظام المعتدلين، ردت أولاً بالنفي وثانياً بالقول: أعطونا لائحة بالمنظمات التي ليست ارهابية أو تعالوا نتفق على لائحة المنظمات الارهابية.

حتى التشاطر الذي قام به وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره الأميركي جون كيري عبر الاستعاضة عن تعبير وقف النار بتعبير وقف الأعمال العدائية، فإنه مجرد ممارسة لإطلاق النار والتوقف عنه على طريقة آلا كارت. فلا القصف الروسي مشمول بوقف الأعمال العدائية التي تختار موسكو تصنيفها. ولا القصف التركي هو في نظر أنقرة سوى حماية للأمن القومي التركي.

والكل يعرف لماذا تُدار الحرب على طريقة آلا كارت. ولا أحد يعرف أي سوريا ستخرج من كونها حقل رماية حرة بالتواطؤ بين أطراف عدة.