يعمّ السرور والابتهاج مريدي الرئيس بشار الأسد. يعتقدون أن دخول طلائع الجيش الأحمر يبدد نهائياً أوهام الساعين الى إسقاطه عسكرياً. يدرك المراقبون على الضفة الأخرى ان “لا صوت يعلو فوق صوت المعركة”. يخشون أن تؤول الحال الى الأسوأ في سوريا. هذا مستنقع لا يتمناه أحد لروسيا.
عقدت آمال عريضة على إحداث اختراق ايجابي لتسوية الأزمة السورية خلال الاجتماعات الرفيعة المستوى في الدورة السنوية السبعين للجمعية العمومية للأمم المتحدة في نيويورك. أتى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بهدف واضح: انخراط عسكري مباشر في مكافحة الجماعات الارهابية، بالتعاون الوثيق مع القوات المسلحة التي يقودها الأسد. أما نظيره الأميركي باراك أوباما فلم يبد حاسماً وثابتاً: في كيفية مواصلة الحرب الدولية ضد “الدولة الاسلامية – داعش”، في موازاة عملية سياسية و”انتقال منظم” يقود الى بديل من الأسد. لم تنجح جهود وزيري الخارجية سيرغي لافروف وجون كيري كثيراً في التغلب على “الخلافات العميقة” أو اخفائها بين زعيمي الكرملين والبيت الابيض. ظهرت التباينات مجدداً في اجتماع رفيع المستوى لم يجر الحديث عنه كثيراً برئاسة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي – مون مع وزراء خارجية الدول الخامسة الدائمة العضوية في مجلس الامن في اطار البحث عن صيغة لـ”تفعيل” بيان جنيف. انعكست الخيبة سريعاً على برنامج المبعوث الدولي الخاص الى سوريا ستيفان دو ميستورا الذي ألغى كل مقابلاته الصحافية.
كثيرون يتحدثون علناً عن تردد أوباما والزعماء الغربيين عموماً حيال المناورات الروسية سياسياً وديبلوماسياً وعسكرياً على الساحة الدولية. غير أن الواضح هو أن بوتين اقتنص فرصة جديدة في سوريا. لم يواجه رداً جوهرياً من الولايات المتحدة والدول الحليفة لها حتى بعدما ضمت روسيا شبه جزيرة القرم من أوكرانيا. تبدو موسكو مستعدة لملء أي فراغ تتركه العواصم الغربية وغيرها.
جاء هذا التدخل الروسي في سوريا ايضاً بعدما أعاد الاتفاق الذي عقدته الدول الكبرى مع ايران في شأن برنامجها النووي خلط التوازنات وغيّر قواعد اللعبة في الشرق الأوسط. كان بعض المعلومات يفيد أن الوحدات النظامية في الجيش السوري انهكت وصارت في وضع حرج. لم يعد يكفيها الدعم الذي تقدمه لها طهران مباشرة عبر الحرس الثوري الايراني و”حزب الله” اللبناني. يتوقع أن تبدأ نتائج التدخل العسكري الروسي المباشر في سوريا بالظهور خلال الاسابيع المقبلة.
بصرف النظر عن السجال المهم الدائر حالياً حول مشاركة روسيا الفعلية في الحرب على الجماعات الارهابية، وحول حماية بشار الأسد باعتباره نظاماً موالياً لها، يرتب هذا التدخل ونتائجه مسؤوليات جديدة على موسكو للمساهمة فعلاً في ايجاد مخرج من الحرب الطاحنة التي تشهدها سوريا منذ أربع سنوات ونصف سنة.
بغير ذلك تغرق روسيا في المستنقع طويلاً. لا شك في أن الإرهابيين يريدون معركة كهذه معها.