IMLebanon

السفير السوري لـ«الأخبار»: لا أعداء لنا في لبنان

 

يعبّر سفير الجمهورية العربية السورية في بيروت عن سعادته بنتائج الانتخابات النيابية. بالنسبة إليه، لا يمكن للحكومة المقبلة أن تتعامل مع سوريا بالسياسة ذاتها التي تعاملت معها الحكومة الحالية. أمّا ملفّ النازحين، فحلّه الوحيد التنسيق الرسمي بين البلدين

 

لا يخفي السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي، ارتياحه للتطوّرات الأخيرة في سوريا ولبنان معاً. الحديث عن مجريات الميدان السوري لا ينتهِي، خصوصاً الردّ السوري الصاروخي على مواقع الاحتلال في الجولان المحتل. «سوريا تستعيد عافيتها كلّ يوم، بفضل تضحيات الجيش والشهداء والشعب السوري وقيادة الرئيس بشّار الأسد، وطبعاً الحلفاء المخلصين حزب الله وإيران وروسيا»، يقول علي.

«نحن سعيدون بنتائج الانتخابات النيابية»، يبتسم السفير السوري، «القانون الجديد، على علّاته، صحّح جزءاً من التمثيل اللبناني الحقيقي». بالنسبة لعلي، سوريا تفضّل لو كان القانون «تبرّأ أكثر من الطائفية»، لكنّه «خطوة أولى جيّدة».

ما رأيكم بنتائج حلفائكم؟ «هذه نتيجة طبيعية لصحّة التمثيل»، يقول السفير، «القانون الأكثري وموجة التحريض ضد سوريا وحلفائها زوّرت موازين القوى اللبنانية في السنوات الماضية».

هل تشمتون بخسارة بعض خصومكم؟ يبتسم السّفير لكنّه لا يجيب، «ليس لدينا أعداء في لبنان، حتى أولئك الذين آذوا سوريا، وهم آذوا لبنان قبل سوريا، نتمنّى أن تراجع بعض القوى مواقفها وتفكّر في مصلحة البلدين والشعبين أو الشعب الواحد الذي تربطه أصول وجذور وتقاليد واحدة وتاريخ ومستقبل مشترك».

 

 

لولا التعاون العسكري اللبناني- السوري لما تمّ تطهير الحدود اللبنانية ـ السورية ولما تحصّن الأمن اللبناني (هيثم الموسوي)

 

هل صحيح أنكم تدخلتم بالانتخابات النيابية؟ «نحن أقلّ طرف تدخّل في الانتخابات النيابية، وهذا ليس ناتجاً من قرار سياسي، إنّما بسبب وجود أُسر لبنانية وسورية واحدة ولبنانيون يقيمون في سوريا. لكن سفراء آخرون من العرب وغيرهم، قاموا بجولات انتخابية وركّبوا لوائح ومارسوا الضغوط على الناخبين في دولهم بشتى الأساليب. أنا لم أقم بأي زيارة أو جولة».

اللبنانيون المغتربون سجّلوا أسماءهم في الكثير من دول العالم للاقتراع، لماذا لم يحصل الأمر ذاته مع اللبنانيين في سوريا؟ يجيب السفير السوري: «هذا الأمر يُسأل عنه اللبنانيون، كان من الأفضل أن يحصل هذا الإجراء في سوريا، وكان من الممكن أن يتم إعداد مراكز اقتراع داخل السفارة اللبنانية في سوريا أو على الحدود، لكن عبّرنا عن استغرابنا لماذا تمّ تجاهل اللبنانيين في سوريا».

كيف تصفون العلاقات الرسمية اللبنانية ـ السورية؟ يستمهل علي قبل الإجابة، «العلاقات الرسمية منقوصة وفيها تجاهل للاتفاقات الموقّعة بين البلدين. في العام 2009، جرت مراجعة الاتفاقات اللبنانية- السورية وتبيّن أنها تنصف لبنان على حساب سوريا، ومع ذلك سوريا بقيت متمسّكة بها». يضيف علي: «لولا التعاون العسكري اللبناني- السوري والتعاون مع المقاومة لما تمّ تطهير الحدود اللبنانية ـ السورية ولما تحصّن الأمن اللبناني، مع أن جزءاً من القوى السياسية كان يتآمر على الأمن السوري عبر دعم الإرهابيين وحمايتهم».

يتردّد أن بعض اللبنانيين الذين عادوا إلى سوريا في المرحلة الماضية، يحاولون التسلّل إلى الداخل السوري للفوز بعقود في إعادة الإعمار. ما هو ردّكم؟ «صحيح، البعض يحاول، لا ننسى أن هناك اختراقات في سوريا وفي لبنان من الفاسدين، لكنّ الدولة واعية ومتنبّهة لهذه المحاولات، ولن تسمح للذين يكنّون العداء لسوريا بالفوز بعقود» يقول علي.

يؤكّد السّفير السوري، رداً على سؤال، أن سوريا «جاهزة منذ الآن لتزويد لبنان بـ 350 ميغاوات من الكهرباء، وبإمكاننا رفع مستوى التغذية تدريجاً، وصولاً إلى ما بين 850 إلى ألف ميغاوات، لكنّ هذا الأمر يحتاج إلى بعض التحسينات على الشبكة اللبنانية التي تستقبل الكهرباء وبدرجة أقل على الشبكة السورية. الأمر متوقّف الآن على القرار اللبناني».

ماذا إذا اعتمدت الحكومة اللبنانية المقبلة سياسات الحكومة الحالية نفسها إزاء ملف النازحين؟ يقول علي: «إننا نعوّل على موقفي رئيسي الجمهورية ميشال عون والمجلس النيابي نبيه برّي»، واصفاً موقف الأخير من قضية النازحين بأنه «صائب ودقيق»، ويكرّر علي موقف سوريا من حلّ أزمة النازحين السوريين في لبنان: لا بدّ من التنسيق الرسمي بين البلدين، نقدّر جهود اللواء عبّاس إبراهيم وما يقوم به، وهو يساهم في حلّ المشكلة، لكنّ هذا الجهد يجب أن يكون على مستوى رسمي أكبر.

سوريا مستعدة لتزويد لبنان بالكهرباء حتى ألف ميغاوات

 

ما هي الخطوات المطلوبة لحلّ هذه الأزمة؟ يقول السفير علي إن هناك ماكينة إعلامية تعمل على تحريض السوريين لإبقائهم في لبنان من خلال تخويفهم من الدولة السورية. وهذا التحريض على سوريا مستمرّ منذ عام 2005. سوريا قالت إنه كانت هناك أخطاء أثناء وجود الجيش السوري في لبنان، لكن هؤلاء المحرّضين يستمرون ببث موجات العداء بين النازحين وبين اللبنانيين. المطلوب التوقّف عن تحريض السوريين على دولتهم، والعمل بين الدولتين بشكل رسمي على ترتيب العودة لأن مساحات واسعة من سوريا باتت آمنة وتحت سيطرة الدولة السورية. حتى المسلحين تقوم الدولة بإجراء مصالحات مع من يعود منهم إلى حضن الدولة ولم تتلطّخ أيديهم بالدماء، لماذا سيكون لدى الدولة مشكلة مع النازحين إذا عادوا من لبنان؟

ولكن البعض يعوّل على الأمم المتحدة لحل الأزمة؟ يجيب السفير: هذا كلام غير منطقي ولا يحلّ الأزمة، هؤلاء الذين يتذرعون بالأمم المتحدة لا يريدون للنازحين العودة، بل ينفّذون قرارات الدول المعادية لسوريا والتي تمنعهم من التعاون مع الحكومة السورية الشرعية. نحن نقول إن الحل الوحيد هو التنسيق العالي بين الدولتين من دون أي وساطة من أحد، لأن أحداً لا يريد للنازحين العودة، بل إبقائهم ورقة ضغط في لبنان.

متى نرى عودة خطّ الترانزيت بين لبنان وسوريا والأردن؟ هل من أنباء عن إعادة فتح معبر نصيب؟ «بحسب المعلومات، فإن الجانب الأردني يسعى لإعادة فتح هذا الخطّ، لكنّ هناك ضغوطاً أميركية وإسرائيلية. الأميركيون لا يزالون يعوّلون على دورٍ أكبر للمنطقة التي يحتلونها في التنف، وإسرائيل تريد تحويل هذا الخطّ إلى ميناء حيفا، وبالتالي منع لبنان وسوريا والأردن من الاستفادة من خطّ العبور. قريباً من المفترض أن ينتهي ملفّ التنف، والأميركيون مهما كابروا لن يستطيعوا البقاء هناك».

هل تحسّنت علاقة سوريا ببعض الدول الأوروبية والعربية؟ «غالبية الدول التي خضعت سابقاً للإرادة الأميركية بقطع العلاقات، تحاول اليوم مدّ الجسور مع سوريا، وهذا سببه الانتصار الكبير وصمود الدولة والجيش والشعب والحلفاء. بعض الدول لم تقطع علاقاتها أصلاً وبقيت على اتصال، مثل سويسرا والنمسا وإيطاليا. مثلاً، فرنسا، ماذا جنت من العداء لسوريا والعدوان عليها؟ هذه السياسات ارتدت على الداخل الفرنسي، وما حدث قبل أيام مؤشر إضافي على فشل السياسة الفرنسية مع سوريا. المرحلة المقبلة هي مرحلة عودة سوريا إلى مركز توازن في الإقليم، والجميع سيكون مضطّراً للعودة إلى العلاقة معها».