Site icon IMLebanon

السفير السوري للبنانيين: تعلّموا من التاريخ

 

بينما تزدحم مشاهدُ الدمار والدمّ في ذاكرة السوريين واللبنانيين بعد أكثر من سبع سنوات على اشتعال الحرب، لا تزال «خزانةُ الصور» تتّسع للقطاتٍ يحفظها السوريون من احتفالِ سفارتهم في بيروت بعيد الجلاء في 19 نيسان من العام 2010.

يومها، قيل في اللوحة السوريالية، ما لم يُقلْ في مديح دمشق حين كانت آمرةً ناهية في الوسط السياسي اللبناني. الأهمّ من ذلك أنّ «المهرجان» دشّن عصراً جديداً من العلاقات الثنائية بعد خروج سوريا من لبنان وتحوّلها من وصيّة إلى متّهمة باغتيال الرئيس رفيق الحريري.

إذ تسابقت شخصيات من 14 آذار إلى حجز موقعها في قاعة «البيال» وعدسات المصوّرين. حضر من «القوات» جورج عدوان وابراهيم نجار، ومن «المستقبل» أحمد فتفت، عمّار حوري، محمد الحجار، باسم الشاب، عاصم عراجي وبدر ونّوس، ومن «الكتائب» فادي الهبر وسامر سعادة. كما رصد حضور وليد جنبلاط ومروان حمادة.

يستعيد السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي تلك المناسبة للردّ على رافضي مسار «تطبيع» العلاقة بين بيروت ودمشق ويكتفي بالقول: «ليعودوا بالذاكرة إلى ذلك اليوم وليتعلّموا من التاريخ».

على أجندة السوريين، الأولويّة هي للداخل، للميدان وإعادة الإعمار ورؤوس الأموال السورية والخبرات واليد العاملة، ومن ثمّ يأتي دور الحلفاء من روسيا إلى الصين مروراً بإيران. الورشة بدأت منذ فترة ولا تنتظر إنشاءَ صندوق دعم دولي يضعها على السكّة. عشرات المعامل الضخمة في مدينة حلب عادت إلى العمل، ومئات المعامل الصغيرة استعادت عافيتها. ومعامل الأدوية السورية باتت قادرة على تأمين أكثر من %90 من حاجات السوق المحلية.

اذاً، المسار الانقلابي للحرب انطلق منذ فترة، سواءٌ في الورشة العمرانية أو في عودة النازحين.

وللبنان حصّته في هذه «الكعكة» كما يقول هؤلاء، فهو «كان شريكاً في الحرب على الإرهاب بواسطة قوى محدّدة. ولذا فإنّ سوريا ستميّز حُكماً بين مَن وقف معها ومَن وقف ضدّها، مَن حرّض ومَن موّل الحرب، سواء كان مكشوفَ الوجه أو مقنّعاً».

ومع ذلك يقول السفير السوري إنّ بلاده حريصة على إعادة درس أيّ مبادرة تعبّر عن مراجعة لعلاقة طرف ما بسوريا، مؤكداً أنّ للبنان خصوصيّته في سجلّ الاعتبارات السورية بسبب «الترابط العضوي والتاريخي والجغرافي، بمعزل عن أصوات النشاز التي تعكّر صفو العلاقة».

عملياً، يترك الانقسام السياسي بين القوى اللبنانية من مسألة تطبيع العلاقة مع دمشق، ندوباً على هذا المسار، يجعل من حركته بطيئةً جداً، محصورة بقناة جهاز الأمن العام اللبناني وبمبادرات بعض وزراء محور الثامن من آذار.

لهذا ينتظر السوريون من لبنان الرسمي، خصوصاً في عهد الرئيس ميشال عون «الإفادة أكثر من تعافي سوريا لتطوير العلاقة الثنائية لما فيه مصلحة البلدين».

ولهذا يتحدّث السوريون عن «مصالح لأطراف دولية ودول لا ترغب في وقوف دمشق على رجليها من جديد، لذا تشوّش على أيِّ خطوةٍ للحكومة السورية» وخصوصاً في موضوع عودة اللاجئين.

بنظر السفير السوري، ملفّ اللاجئين وُضع على سكته قبل الإعلان عن المبادرة الروسية، لكنّه بالنتيجة «شغّال» منذ مدّة، ولا حاجة للإعلان يومياً عن أعداد السوريين الذين يسلكون بقرارٍ ذاتيّ المعابر الشرعية للعودة إلى قراهم، من دون المرور بسفارتهم في بيروت أو الخضوع لآليات الأمن العام التي تستهدف الحالاتِ المشوبة بعيوبِ مخالفة القوانين اللبنانية.

السوريون مقتنعون بأنّ النازحين في دول الجوار أصحاب مصلحة في العودة إلى قراهم خصوصاً وأنّ أعداداً كبيرة دُفعت إلى لبنان بفعل الإغراءات ورهانات بعض الدول على إسقاط النظام.

ويكشف أنّ الحكومة السورية ستقدّم مزيداً من إجراءات التسهيل التي ستظهر تباعاً وتثبت رغبة دمشق بعودة كل أبنائها. كما تمّ إنشاءُ مراكز إيواء موقتة في الكثير من القرى دون انتظار المشروع الدوليّ لإعادة الإعمار. ما يهمّ السوريين راهناً هو ضغط حلفائهم لرفع العقوبات المالية والاقتصادية الذي سيساهم في عودة الحياة إلى شرايين الاقتصاد السوري.

إلّا أنّ ذلك لا يمنع إشارة السوريين إلى أنّهم غيرُ راضين عن «القسط» الذي يوليه لبنان الرسميّ للعلاقات الثنائية، ليس من باب تسجيل ملاحظات على أداء الأمن العام، ولكن رغبةً في مزيد من التنسيق.

يقول السفير السوري: طبعاً نحن نرغب في تفعيل التواصل الثنائي كوننا حريصين على هذه العلاقة»، مشيراً إلى أنّه «حتى المكابرين سيغادرون يوماً مربّع مكابرتهم، لأنّ الدول الداعمة لهم ستضطر إلى إعادة النظر في علاقتها مع دمشق طالما أنّ الرهان على إسقاط سوريا خسر».

هكذا، يندرج بندُ إعادة فتح معبر نصيب أمام البضائع اللبنانية ضمن أجندة التنسيق الثنائي المطلوب حقنه بالمقوّيات. وفق السوريين إعادة تنشيط المعبر هي مصلحة سورية بالدرجة الأولى، كما مصلحة لدول الجوار وبينها لبنان بالدرجة الثانية. ويشير علي إلى أنّ «دمشق تعيد فتح خطوطها ولكن وفق مصالحها، وبالتالي على لبنان تفعيل الاتّفاقات الثنائية الناظمة للعلاقة بعدما قام بتعطيلها».