IMLebanon

1701 سوري في الجولان

 

تؤكّد الإستراتيجية الأميركية نجاحاتها الدبلوماسية والعسكرية في الشرق الأوسط وعلى المسرح الدولي على السواء، ويراكم الرئيس الأميركي وفريقه جملة من الإجراءات تؤكّد عزم الولايات المتّحدة على المواجهة وعلى كامل المستويات بما فيها المواجهة النووية. تريد الولايات المتّحدة تحقيق مجموعة من الأهداف دفعة واحدة من كوريا حتى إيران غير آبهة بالأولويات الإقتصادية الأوروبية وبالمناشدات التي يقدّمها بعض أركان الإدارة السابقة.

لا يخرج الرئيس ترامب عن الإلتزامات التي قطعها على نفسه وأعلنها في قمّم الرياض أو في قمّة العشرين أو إجتماعات الناتو، وقف التمدد الإيراني في المنطقة ووقف تمويل الإرهاب. حدّدت الولايات المتّحدة حلفاءها الشرق أوسطيين ، بل اختارتهم بعد اختبار قدراتهم في الميدان ومدى الإستجابة لديهم. سئمت واشنطن الحلفاء الذين يطلبون حمايتها ويتظللون بها. القدرات الميدانية أضحت المعيار الأساس للتحالفات الأميركية الجديدة. في هذا المجال، قدّمت المملكة العربية السعودية وشركاؤها الخليجيين، بالإضافة الى العراق- بشخص رئيس وزرائه حيدرالعبادي- النموذج الموثوق والمريح للتعاون البعيد المدى. الحلفاء الجدد ساهموا معها في قلب الموازين الميدانية من الموصل الى الرقة مروراً بالجرود اللبنانية السورية، ولم تؤثر المواقف الأميركية حيال النظام السوري أو حيال التسويات التي ساقتها روسيا والولايات المتّحدة في سوريا في اهتزاز هذا التحالف بل على العكس سجّلت الدبلوماسية الخليجية ولا سيما السعودية إنجازاً كبيراً على صعيد تطوير العلاقات مع موسكو.

رعت الولايات المتّحدة مصالح المحور الجديد، واشنطن بغداد الرياض، وشجّعت على إطلاق مجلس التنسيق السعودي العراقي للتنمية الإقتصادية ومكافحة الإرهاب، كما حافظت على الإعتبارات السيادية لحلفائها. في العراق، لم ترحّب بالإستفتاء الذي عزم حليفها وشريكها مسعود البرزاني على إجرائه ولم تقبل بنتيجته فيما بعد، بالرغم من الدور الميداني الذي لعبته البشمركة في التّصدي لداعش، بل أكّدت على وحّدة العراق واحترام الدستور، وثابرت على الدعوة للحوار مع بغداد ووقفت بوجه أي تحرك عسكري للجيش العراقي داخل حدود الإقليم. التحالف الأميركي مع الأكراد في شمال شرق سوريا أكّدته مجدداً وقائع الميدان. حافظ الأميركيون على الإنتصارات التي حققها أكراد سوريا برغم العتب الروسي والإنكفاء التركي والإيحاء بنقل البندقية الى الكتف الآخر. وعلى المقلب الخليجي أبقت الجهود الأميركية الأزمة القطرية ضمن الحاضنة الخليجية وفوّتت الفرصة على أي استثمار خارجي بها بالرغم من كثرة المتطوعين للعب دور الوسيط.

يبدو التصميم الأميركي على إقصاء إيران عن أي دور خارج حدودها ورفض أذرعها العسكرية واضحاً. الدعوة التي وجّهها وزير الخارجية الأميركي تيلرسون لدى انعقاد القمّة السعودية العراقية للمقاتلين الشيعة في الحشد الشعبي بالإندماج في الجيش العراقي أو إلقاء أسلحتهم وبالتشديد على المقاتلين غير العراقيين المدعومين من إيران بضرورة مغادرة البلاد، لا يرقى إليها الشك بالرغم من استنكار رئيس الوزراء العراقي لذلك واعتبار ذلك شأنأً داخلياً. وفي هذا الإطار، لاقى الأكراد حلفاءهم الأميركيين بإنزال العلم الإيراني عن القنصلية الإيرانية في إربيل ومن خلال الرسالة التي وجّهها سيروان البارزاني، قائد قوات البيشمركة الكرديّة، إلى المرجع الديني الشيعي الأعلى في العراق، علي السيستاني، داعياً إياه للتدخل “حقنّاً للدماء،” والحيلولة دون “إنهيار العلاقات التاريخية المشتركة بين الشيعة والأكراد.”

أما على الصعيد السوري، فقد نجحت الولايات المتّحدة وحلفائها في إقصاء الميليشيات الإيرانية عن تحقيق نجاحات في الشمال السوري لا سيّما بعد ترسيم منطقة خفض التوتر في جنوب غرب سوريا ووقف التمدد الإيراني الى شرق الفرات تمهيداً لقطع محوّر بغداد- دمشق عبر معبر القائم.

التهديدات الإيرانية التي وردت على لسان الرئيس الإيراني والتي تحاول إعادة إنتاج دور ما لإيران عن الحدود الشمالية لحدود إسرائيل لم تلقَ صداها إلا في الداخل الإسرائيلي. تطمح إسرائيل إلى 1701 جديد على الحدود السورية الإسرائيلية بما يضمن تحويل قوات الأمم المتّحدة إلى قوات دائمة مماثلة لقوات اليونيفيل في جنوب لبنان وتطمح إيران إلى الإستثمار بعيداً في وجودها المسلّح في الداخل السوري قبل إنطلاق العملية السياسية في جنيف، وتكريس وضع ميليشياوي ضاغط على الحكومة السورية في المستقبل.

المفارقة ليست في الردح الإيراني والإسرائيلي على جانبيّ الحدود بل المفارقة هي في تبادل الأدوار الإيرانية والإسرائيلية وتطابق الأهداف عبر الحدود بشكل دائم.