قال لي زعيم عربي ذات يوم إنّ العلاقة بين لبنان وسوريا ليس لها مثيل في العالم كلّه، وأضاف: إنّ أهم علاقة بين دولتين تترجم بانتقال طائرة… طائرتين… عشر طائرات بينهما وعلى متن الواحدة منها 200 راكب ليصل إجمالي العدد الى 2000 شخص يومياً… بينما حركة الذهاب والإياب بين لبنان وسوريا تسجّل في الأيام الطبيعية نحو 100 ألف داخل وخارج.
الى ذلك، لا يوجد بيت في سوريا إلاّ وله بيت رديف في لبنان.
وكذلك لا يوجد بيت في لبنان إلاّ وله بيت رديف في سوريا.
وما من عائلة في سوريا إلاّ ولها جذور في لبنان.
وما من عائلة في لبنان إلاّ ولها جذور في سوريا.
الى أن نشبت هذه الحرب القذرة التي يشنها السفّاح بشار الأسد على الشعب السوري، ما دفع قسماً كبيراً من الشعب السوري الى أن يهرب من الويلات فكان النزوح في الداخل والخارج قد شمل نحو نصف الشعب.
صحيح أنّ هناك مليوناً ونصف مليون سوري نزحوا الى لبنان فراراً من حرب النظام عليهم… وهم يشكلون، ولا شك، حالاً صعبة في لبنان…
ولكن لنتذكر خمسينات القرن العشرين الماضي عندما أدّى التأميم في سوريا الى نزوح ولكن من نوع آخر: نزوح رجال المال والأعمال الى لبنان من كبار المصرفيين والاقتصاديين ما أدّى الى نمو بارز في مجال المصارف ومجال التجارة وما انعكس نمواً كبيراً في الاقتصاد اللبناني…
ولن نذكر الأسماء الكبيرة في هذا المجال التي استفاد لبنان كثيراً من مجيئها الى لبنان وإسهامها الكبير في نموّه بتوظيفها رساميل ضخمة فيه مستفيدة، من دون شك، من نظامه الاقتصادي الحر الذي كان يتفرّد به في هذه المنطقة العربية.
لذلك، انّ أي قرار يصدر ويتناول النازحين السوريين الى لبنان، وبالذات ما له علاقة بالدخول والخروج يجب أن يكون مدروساً، ومنطلقاً من أنّ التعامل هو مع اخوة وليس مع أجانب.