IMLebanon

بانتظار “القوات”

 

مع التحرّك الكثيف والمُتتابع والمُتدرّج الذي أقدم عليه حزب «القوات اللبنانية»، قيادةً ومسؤولين وأجهزةً وقواعد، بخصوص ملفّ التواجد السوري غير القانوني وغير الشرعي على الأراضي اللبنانية، وقد تصاعدت وتيرته بعد حادثة غدر وقتل شهيد «الصّمود اللبناني» الأستاذ باسكال سليمان، إرتفعت أصوات بعض الأطراف السياسية التي عانت وما زالت من عقدة معارضة «القوات اللبنانية» والمزايدة عليها، لتُردّد مُجدّداً اتهاماتها الببّغائية الكاذبة ضدّها. ولأنها تفتقد للعقلانية الوطنية وللقدرة على التمييز بين الملفّات، المسموح التنافس حولها، والملفّات التي تحتاج لتضامن واسع ومسؤول وبعيد من محاولات المصادرة والإحتكار، ولأنّ ذهنية الإنتهازيّة هذه، تُضرّ بالوحدة الوطنية المطلوبة لمواجهة الحالات المصيرية، كمسألة الوجود السوري غير الشرعي، يجدر بقيادييها وقف التلاعب الصغير بالملفّات الأساسية والثوابت الوجودية، والتنبّه الى أنّ مقارباتها بهدف المزايدة على «القوات»، خاصةً في ملفّ المواطنين السوريين غير الشرعيين، وباتهاماتها الباطلة لها بأنّها تأخّرت في الولوج لهذا الملف، فإنها تُهين ذاتها وتُخفّف من قيمة دورها وفعاليتها، وتنظر بدونيةٍ نحو «القوات اللبنانية»، ولذا فهي «بانتظار القوات».

 

ومع كل تحرّك قواتي جدّي نحو ترحيل المواطنين السوريين المتواجدين بشكل غير شرعي على الأراضي اللبنانية، ينتفض البعض من السّاسة اللبنانيين المنتمين لأحزابٍ وتياراتٍ تُخاصم «القوات»، نتيجة حملها راية الدفاع عن السيادة اللبنانية، في الوقت الذي مارست هي الحكم في السنوات الماضية واحتلّت مواقع القرار السياسي والأمني والقضائي والمالي من خلال تكتّلات وزارية واسعة ورئاسات أجهزة، ما قبل حلول مأساة النزوح السوري، وخلال تدفّق هذا النزوح إلى لبنان، ومن بعد ذلك أيضاً، عند تحوّله إلى إقامة اقتصادية ومالية، تنتفض هذه الأطراف لتدافع عن تقصيرها وتقاعسها بحقّ شعبها ووطنها، بإلقاء اللوم على «القوات»، علماً أنّ النزوح قد حدث نتيجةً لتدخّلها هي بالذات في الحرب السورية، وليس لحماية الحدود اللبنانية بل لنجدة النظام السوري وتهجير هذا الشعب النازح إلى كل أقطار العالم.

 

تنتفض هذه الأطراف مغتاظةً من فعالية «القوات» وجدّيتها في مواجهتها لهذا الملفّ الخطير، وقد انعكست فوراً إنتفاضةً فورية للشعب اللبناني وللدولة بمؤسساتها من أجل ترحيل جميع المواطنين السوريين غير الشرعيين، في حين لم تمارس هذه الأطراف إلا النقّ والإعتراض والصراخ الشعبوي لسنواتٍ طويلة. وبمقارنة بسيطة حول المسارين، نرى وهن وضعف حجج الأطراف المُهاجمة لـ»القوات»، ممّا يؤكّد أنّ منطلقاتهم، إمّا محاولات للإختباء بـ»القوات» لتركها تواجه المصاعب والأزمات بصدرها، وإمّا للطعن بـ»القوات» والإقتناص منها خلال اللحظات الصعبة والمواجهات المصيرية. وفي كلتا الحالتين، فإنّ هذه الأطراف الإنتهازية تتموضع في مكانٍ «بانتظار القوات» علّها تتمكّن منها، فتنال المكاسب الظرفية، أو تغدر بها، لترتاح من مبدئيتها الوطنية. بكل الأحوال، محاولاتهم الدنيئة «بانتظار القوات» ليست إلا شهادات لقوّة «القوات» وصوابية خياراتها.

 

«لا تُقدِم على شيء إلا بعد أن تتقنه علماً وخبرةً، ومتى عرِفته صالحاً نفّذه بلا إبطاء ولا توانٍ»، بهذه الذهنية أقدمت «القوات اللبنانية» على هذا الملفّ الشائك والمُهدِّد للوجود. ومع إدراكٍ لمدى تقصير أجهزة الدولة في القيام بواجباتها الوطنية ومسؤولياتها الرسمية، أقدمت «القوات» لتحسم الأمر، ولتدفع الجميع للقيام بدورهم، بعيداً من إطلاق المواقف. وأدركت «القوات» أنّ مسار المعالجات السابق من قبل أطراف السلطة لم يُجدِ نفعاً، ففي الوقت الذي كانت هي تُطالب بتنظيم مخيمات في الداخل السوري لتجميع كافة النازحين فيها وتحت حماية ورعاية الأمم المتحدة، كانت هذه الأطراف تسعى لفرض التطبيع وفكّ عزلة النظام السوري، غير مهتمّة بأمن هؤلاء ولا بأمن لبنان واستقراره.

 

أطراف في السلطة تموضعت «بانتظار القوات» بهدف اقتناصها، فأصابت ذاتها، ولكنها بالوقت ذاته، دمّرت البلاد وفرّطت بمصالح الشعب، فهل تتعلّم من دروس التاريخ، وهل تبتعد عن الغباء السياسي، وهل تلتحق بـ»القوات» في معركة تحرير القرار الوطني من خاطفيه، المنتمين لمحور المُمانعة، والذين لا ينظرون للمواطنين السوريين على أنهم مواطنو سوريا الحقيقيون، بل ذخيرة لبرنامجهم الإلغائي، ليس فقط لهم ولسوريا، بل لكل الأوطان العربية ومواطنيها؟ ومن كان دائماً «بانتظار القوات» فإن «القوات اللبنانية» الآن بانتظاره، لتُحاسبه.