تدلّ المؤشرات المحيطة بمشاورات موسكو التي جمعت ممثلي الحكومة السورية مع شخصيات معارضة امس، على أنّ فرص الحلّ لا تزال شبهَ معدومة، وأنّ الأزمة السورية لا تزال تراوح في المربع الأول.
لم يتمكن الديبلوماسيون الروس من تكوين إطار محدَّد للمشاركين في لقاء موسكو يمَكِنهم من صَوْغ خريطة حلّ مبدئي للازمة السورية، أو على الاقل تحديد الخطوط العريضة لإطلاق مفاوضات مباشرة تجمع اطياف المعارضة بممثلي النظام.
واكتفى المشاركون والمضيفون بالتشديد على مرجعية بيان «جنيف1»، الذي بات «قميص عثمان» لكثرة تنوّع الاجتهادات والتفسيرات لبنوده، ولا سيما منها ما يتعلق بالمرحلة الانتقالية.
لذلك فإنّ العموميات وحِقن الدعم كانت العنوان الابرز في كلمة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال لقائه الوفدَين السوريَين، الامر الذي يشير الى أنّ هذه الجولة التفاوضية لم تحقق أيّ قيمة مضافة لجولتَي جنيف السابقتين.
وهذا ما تمثل بتشديد لافروف على الدعوة مجدَّداً إلى «توحيد جهود السوريين في محاربة الإرهاب، وتأكيده أنّ الحوار يتطلب تنازلات وحلولاً وسطية، إضافة الى مواصلة بلاده مساعدة السوريين في تحقيق الوحدة والتوصل الى حلّ سلمي للازمة».
وعلى رغم أنّ لافروف لم يأتِ بجديد على مروحة المواقف الروسية فإنه لا بدّ من التوقف عند تحذيره من مخاطر فرض حلول من الخارج لا تلبي تطلّعات الشعب السوري، بل إنها تساهم في تحقيق مطامع جيوسـياسية لدول أخرى. وهذا ما اعتبره مراقبون إشارة الى الائتلاف السوري المعارض المقاطع الابرز لاجتماعات موسكو.
وتؤكد مصادر روسية على علاقة مباشرة بتنسيق وتنظيم المشاورات أنّ أجواء اللقاء الذي جمع ممثلي المعارضة بممثلي النظام كانت ايجابية الى حدٍّ ما، لكنّ الشخصيات السورية المعارضة لم تتمكن في اللقاءات التي عُقدت في ما بينها من تبنّي اجندة محدَّدة لإطلاق حوار محدَّد وشامل مع النظام نظراً لتباعد المواقف في كثير من الملفات ولا سيما منها ما يتعلق برؤيتها لطبيعة النظام السوري في المستقبل، الامر الذي انعكس سلباً على تحديد الاولويات وحال دون التمكن من طرح رؤية مشترَكة لعرضها على ممثلي النظام.
ويقول مصدر سوري معارض واكب اللقاءات أنّ عدم مشاركة شخصيات من الائتلاف المعارض لم تمنع من حضور مواقفه على طاولات موسكو، في اعتبار أنّ عدداً من المشاركين كانوا قد وقّعوا معه في القاهرة وثيقة تؤكد ضرورة استنهاض قوى المعارضة من أجل عملية التحوّل الديموقراطي في البلاد، وبالتالي فإنّ ذلك لا يمكن تحقيقه إلّا من خلال إنهاء حالات الاستبداد والفساد والإرهاب في سوريا.
ويعتبر المصدر أنّ لافروف حاول في كلمته رسمَ أطر محدَّدَة للتركيز عليها لاحقاً في أيّ مفاوضات، لكن لا يبدو أنّ لدى الروس شيئاً جديداً، إذ إنّ لافروف رسم ملامح خطوط عريضة لخطة حمّالة وجوه، وذلك من خلال تشديده على ضرورة تعزيز الثقة بين المعارضة والنظام، ووقف القتال إفساحاً في المجال أمام إنجاح مبادرة المبعوث الاممي ستيفان دو ميستورا، وتسوية أوضاع المقاتلين الذين يلقون سلاحهم، فبدا، وفق المصدر، وكأنّ لافروف يقول بنحوٍ غير مباشر «إرموا سلاحكم وتصالحوا مع النظام».
الامر الذي يُعتبر هزيمة لقوى المعارضة كافة، إذ إنها لن تتمكن من تحقيق أيّ تغيير في بنية النظام، على رغم الدماء التي دفعها الشعب السوري في سبيل ذلك، وبالتالي فإنّ إقدام قوى المعارضة على خطوة من هذا النوع ستكون بمثابة انتحار سياسي.
ويعتبر المصدر أنّ دعوة شخصيات من الائتلاف بنحوٍ شخصي هي دليل على أنّ موسكو لا تعترف بالصفة السياسية لهذا التكتل السياسي، ما يجعل المشاورات مجرد محطة عابرة ضمن سلسلة محاولات لإيجاد حلّ سلمي للأزمة السورية.