IMLebanon

السوريون الموالون للأسد يُشكّلون جيشاً غير معلن في لبنان

 

آن الأوان لإشهار سلاح النبذ الاجتماعي والمقاطعة الشاملة وصولاً لطرد مؤيِّدي النظام

 

 

لعلّ أفضل ما قيل والأكثر تعبيراً حول حملات الاستفزاز الجارية تحت مسمى «الانتخابات الرئاسية» في سوريا، ما قاله إمام وخطيب مسجد التقوى الشيخ الدكتور سالم الرافعي، وإمام وخطيب مسجد السلام، شيخ قراء طرابلس بلال بارودي، في رسالة مشتركة، جاء فيها: «إنه لما قامت الثورة السورية واضطر كثير من أهل سوريا للّجوء إلى لبنان ودول الجوار هرباً من ظلم بشار الأسد واضطهاده للأبرياء من الشيوخ والنساء والأطفال، قام أهل لبنان عموماً وأهل طرابلس خصوصا بمواساة إخوانهم السوريين الهاربين من بطش النظام، فآووهم وأكرموهم لأنهم مظلومون».

 

وتابع الشيخان الرافعي وبارودي: «لقد دفع أهلنا في طرابلس ثمنا لهذه المواقف بأن قام النظام الأسدي بتفجير مسجدي التقوى والسلام أثناء أداء الناس لصلاة الجمعة فيهما، من باب الانتقام من أهل طرابلس بسبب وقوفهم مع أهلهم السوريين المضطهدين.. ومع ذلك صبر أهل طرابلس على جراحاتهم ولم يُحَمِّلوا إخوانهم السوريين الذين لجأوا اليهم تبعة جرائم نظام الأسد لأنهم مظلومون مثلهم، وعانوا من بطش النظام مثلما عانوا وأكثر».

 

وأضاف الشيخان الرافعي وبارودي الرسالة: «اليوم يتفاجأ أهل طرابلس والشمال وأحرار لبنان من تمثيلية انتخاب بشار الأسد رئيساً لسوريا بعد أن قتل وشرّد الملايين من أهلها، ومن استعداد كثير من السوريين الهاربين الى لبنان  للمشاركة في اختيار الأسد رئيساً لهم بعد أن فعل بهم الأفاعيل».

وباسم أهل المسجدين المفجَّرَين بيّن الشيخان الرافعي وبارودي «للجميع أن كل من يشارك في هذه الانتخابات فهو شريك في جريمة تفجير المسجدين، لأن النظام الأسدي الذي يريدون انتخابه هو من قام بتفجير المسجدين».

 

طقوس «تأليه» بشار

ليست انتخابات

لا يمكن تسمية ما يجري لتعويم رئيس النظام السوري بشار الأسد «انتخابات»، فهي تشبه أشياء كثيرة، إلاّ العملية الانتخابية الديمقراطية، وما يجري جزء من تقاليد النظام العفنة، التي تعمل على تأليه آل الأسد، كلّما زاد إجرامهم وعلوُّهم في الأرض، وتراكم على استعباد السوريين بكلّ الأشكال والوسائل، ولو كان ذلك على ركام مدنهم وخيم لجوئهم.

في الانتخابات الديمقراطية يحضر عنصر التنافس الحرّ، بينما في ما يسمى انتخابات سورية، فإنّ المرشح واحد، والتصويت له ملزِم، وعرض صورتين لمرشّحَين مجهولَي الهوية، يثير الغثيان ويبعث على القرف، من هبوط مستوى الدناءة لدى هذا النظام، القائم على القتل والإبادة للشعب السوري، وعلى بيع السيادة لإيران والروسي.

 

مخاطر أمنية ووطنية

من أتباع الأسد

في لبنان، حيث أصرّ فريق الممانعة على وصف المهجرين من سوريا بـ«النازحين» بدل «اللاجئين»، طرأت متغيّرات مهمة على الوجود السوري، منها:

منذ أكثر من ثلاث سنوات، رصدنا تغييرات جذرية على واقع اللجوء السوري في لبنان، حيث أمكن حصر وجود معارضي النظام في كتل محدودة، أغلبها في مخيمات عرسال المعزولة والمحاصرة، وفي بعض النقاط الأخرى.

تؤكد الوقائع أنّ العدد الأكبر من السوريين المقيمين في لبنان، قاموا بتسوية أوضاعهم مع سلطات النظام، وأصبحوا يدخلون إلى سوريا ويعودون منها بشكل آمن. وهنا، لا بدّ من التذكير بالقرار الذي اتخذته «خلية الأزمة» في حكومة الرئيس تمام سلام في تموز 2014، والقاضي بـ«إسقاط صفة النازح عن كلّ نازح يدخل إلى الأراضي السورية بعد تسجيله لدى المفوضية السامية للاجئين».

هذا المعيار، إذا جرى تطبيقه على السوريين في لبنان اليوم، سواء كانوا مسجّلين لدى الأمم المتحدة أو غير مسجّلين لديها، فإنّه يؤدي تلقائياً إلى إسقاط صفة النزوح/اللجوء عن الغالبية العظمى من هؤلاء. والسؤال الذي يفرض نفسه هنا: لماذا لا يُطبّق قرار الحكومة اللبنانية بإسقاط صفة «النازح» عن الذين يدخلون سوريا ويعودون إلى لبنان؟ ولماذا لا يخضع هؤلاء لقانون الإقامة والعمل في البلد؟ ولماذا لا يعودون إلى بلدهم «الآمن»؟ ولماذا تتجاهل المنظمات الدولية هذا الواقع ولا تقوم بتعديل القوائم لديها على هذا الأساس، فيتوقف استغلال المساعدات الإنسانية لأهدافٍ سياسية؟

 

جيش غير معلن

للأسد في لبنان

الأسوأ من كل هذا أن معظم السوريين المتواجدين على الأراضي اللبنانية باتوا على صلة بشبكات النظام، وقد استدعى أعداداً منهم كاحتياط حربي للمشاركة في معارك أدلب عندما احتدم القتال مع الدخول التركي في آذار من العام 2020، بلغت أعدادهم قرابة الثلاثة آلاف مقاتل.

وأعاد النظام السوري، عبر شبكاته المخابراتية، ومن خلال سفارته في بيروت، تنظيم صفوف السوريين في لبنان، وبات يمتلك قاعدة معلومات تفصيلية عنهم، تتضمن عناوينهم وأرقام هواتفهم، وخبراتهم العسكرية والأمنية، مما يجعل هؤلاء قوة احتلال غير معلنة، يمكن أن تمتلك السلاح في أي لحظة، وتنقضّ على المناطق التي تشكل فيها كتلاً بشرية كبرى، لتنخرط في الصراع الإقليمي المندلع في المنطقة.

هذا الاحتمال لا يمكن استبعاده إطلاقاً، لأنّ من يرضى الخضوع للنظام، يستجيب له في كلّ أوامره وطلباته، سواء في الرصد والتجسس، أو في المتابعة والاغتيال.

وصدرت أصوات تدعو إلى الإشفاق على السوريين الذين ينتخبون الأسد، على اعتبار أنّهم يخضعون للضغوط، في هذا السياق، لا بدّ من التذكير بأنّ من يستطيع احتمال ضغوط الأسد في لبنان، يستطيع احتمال ضغوطه في سوريا، ولهذا لا يعود ثمّة مبرّر لبقائهم في لبنان، إلاّ الأسباب التي تثير الهواجس، حول وجود جيش غير معلن للنظام في البلد.

 

شبكات مُنَظَّمة تتحرّك أمنياً

كشفت الحملات الاستفزازية لأنصار بشار الأسد في لبنان مسألتين هامتين:

ــ الأولى: أنّهم منظمون ومرتبطون بمنظومة أمنية تتولى تحريكهم ونقلهم والسيطرة على توجهاتهم.

ــ الثانية: أنّ لدى هذه المجموعات إمكانات مادية كبيرة جداً، ظهرت من خلال تأمين آلاف السيارات والباصات لنقل قطعان المصوِّتين إلى السفارة.

 

النبذ الاجتماعي

والضغط السياسي

أمام هذه الوقائع المتتابعة التي تؤكد خطورة الوجود السوري في لبنان، لا بدّ من الوصول إلى قناعة شعبية واسعة باللجوء إلى النبذ الاجتماعي الشامل مع كلّ من أبدى تأييده للنظام وفرض مقاطعة عليهم في الأشغال التي يضخّون من خلالها المال في شرايين النظام، وعلى معارضي النظام إبداء موقفهم، فقد آن الأوان ليحصحص الحق، وتنكشف حقيقة الصراع، وهويات المتصارعين، ولسان حالنا يقول: كفى استغلالاً لمشاعر الأخوّة، ونعم للوعي والفعل الناضج البعيد عن العواطف السياسية المضلِّلة للناس.