IMLebanon

محاولات العودة بالتسلّل الفتنوي  

 

تتميّز مخابرات النظام السوري والعاملون تحت إمرتها بأسلوبٍ ثعباني فتنوي، وتتقن استخدام الآلام والأزمات والفروقات الاجتماعية المتواجدة طبيعياً في كل المجتمعات، وخاصّةً المُتناقضة منها، لتُحوّلها الى صراعاتٍ عنفية وعدائية، وقد أثبتَت قدرتها هذه من خلال ادائها في القرن الماضي عندما بدأت في سبعيناته باستخدام السلاح الفلسطيني المُتفلّت، فدعمته، والمشاريع الاسلامية الفئوية، فشحنتها، والطروحات اليسارية الحالمة، فذكّتها، ووحّدت قواها بمواجهة السلطات اللبنانية حينها فهدّدت النظام والصيغة والتعايش والدولة، بشنِّ هجماتٍ ثورية وفوضوية وعبثية، ولكنها في الوقت ذاته مدّت يد العون للسلطة، عارضةً عليها الحماية، فاستوعبت تحت هول الضربات والتهويل والاحتيال الكثير من اطراف الفريقين معاً، وحرّكتهم بأجندات تُناسب هدفها الأساسي وهو تقويض طبيعة هذا البلد وسيادته وأسواقه وقطاعاته الحرّة وعلاقاته الدولية وحياديّته البنّاءة.

 

تلاعب النظام السوري حينها بمعظم الأطراف اللبنانية، وألّب بعضها على بعض، ولم يتراجع يوماً عن هدفه، وهو حتماً ليس نصرة أحد الأطراف على الآخرين، بل إلغاء الوطن والجميع، بأسلوبٍ جهنّمي مُعاكس للضمير والانسانية، بإثارة الذّعر في النفوس، والتهويل على الأطراف المتنوعّة والمُتناقضة، وتهديد الوجود، وشقّ صفوف القيادات، لتطويعها ودفعها للتقاتل، ولتركيعها وصولاً للتخلّص من البيئة اللبنانية الحاضنة للعيش المشترك وللتطوّر والازدهار ولرفع شأن وطن بلد الأرز الذي يبقي الشوكة في خاسرة هذا النظام المجرم.

 

وكما مارست الأجهزة الأمنية للنظام السوري عملها في السابق، من إخفاءٍ وتصفيةٍ لقياديين وحزبيين وقادة فكر ورجال دين وإعلاميين مُعارضين لمشروع نظامها، وذلّت مُتعاونين معها، واستغلّت وجنّدت الكثيرين من لبنانيين وسوريين وفلسطينيين، تُحاول مجدّداً العودة لعملها وممارساتها، علّها تنجح بالتسلّل الى الداخل اللبناني حيث أخرجتها منه ثورة الأرز. الفارق هو القدرة الحالية المحدودة لها وعدم التجاوب العام مع محاولاتها والوعي اللبناني من كافة الأطراف لهذه العدائية التي يحملها قادة هذا النظام، ولكن من البديهي أن يتنبّه اللبنانيون لمطابخ الفبركات والاكاذيب لهذا النظام الذي يُبدع بكبِّ الفتن التي تستهدف بعض المناطق الغنية بالتنوّع الطائفي والعقائدي، ومن الضروري ايضاً الحذر من نشاط العملاء الذين ينكبّون على إيقاظ الاحقاد وبعث روح الكراهية للعبث بالسلم الاهلي، فصغار النفوس من كافة الاطراف كثيرون، كما الفاشلون والفاسدون والخارجون عن القانون يملأون الساحات وهم مستعدّون لتفجيرها.

 

فليعلم جميع المُتعاونين مع هذه الأجهزة، أنّ كلّ اللبنانيين بالنسبة لها ليسوا الا ذخيرة لهدف نظامها الواحد الأوحد والدائم، وهو إلغاء لبنان الوطن والانسان، ولذلك فمواجهة مشروعه الشرّيري يكون بالوعي لمحاولاته وبإفشال لمكائده، وبالإستغناء عن جوائزه الشيطانية المُلغّمة، وبالتعاون بين جميع اللبنانيين من مُتناقضين ومُتخاصمين، لإسقاط عدوانيته، صوناً لسلامة الشعب. فلو مرّت مؤامراته فسيكون مرورها على أجساد الجميع من دون استثناء، وعلى حساب أرواح المتحاربين، وبدماء كل المتخاصمين، فلن توفّر أحداً، ولن يفلت من براثنها السّامة أحد، ولن يكسب معها أحد، فالكلّ خاسر، وفقط الثعبان مُستفيد، فالشّر يكسب جولاتٍ وجولات، أمّا الخير فهو المُنتصر الاخير، فَقَالَ لَهُمْ: «رَأَيْتُ الشَّيْطَانَ سَاقِطًا مِثْلَ الْبَرْقِ مِنَ السَّمَاءِ”. (لو 10: 18) ولكن بأثمانٍ كبيرة وكبيرة جداً إن علقنا تحت أنيابه، وليتذكّر من يتعاون مع هذا الوحش ويلات ومصائب ما ارتكبه سابقاً بحقنا جميعاً، رافضين له ومتعاونين، مقاومين له وعملاء.