أعادت حادثة نهر الكلب، وما شابهها في الأشرفية والجية وبحمدون وسعدنايل، طرح موضوع النازحين السوريين على نطاق واسع. ولم نستغرب أن يتناولها، أمس، البطريرك بشارة الراعي في عظة قدّاس الأحد، بعبارات ستترك تفاعلاً من دون أدنى شكّ، نظراً إلى أنها التزمت الموقف المبدئي الذي اتّخذه حزب القوات اللبنانية تبريراً للعملية. إذ قال غبطته: «لقد أسفنا للإشتباك الذي حصل على أوتوستراد نهر الكلب بين بعض من اللبنانيين والنازحين السوريين المتوجّهين إلى صناديق الإقتراع الرئاسي. وسببه الإستفزاز لمشاعر اللبنانيين في منطقة تعجّ بشهداء سقطوا في المعارك مع الجيش السوري، فيما لا يزال ملف المعتقلين في السجون السورية مجهولاً».
لسنا في وارد الدخول في عداد المُساجلين في هذا الملف الشائك، وبالذات لسنا في عداد من كان منهم يؤيد كلام سيّد بكركي أو من كان يُعارضه في إلتزام السبب الذي أعطاه لما أسماه بـ»الإشتباك». إلا أننا نُريد أن نضوّي على هذا الموضوع الدقيق وفق بضع ملاحظات:
أولاً- إذا كانت سوريا قادرة على أن تُجري إنتخابات رئاسية، وهي فعلاً كذلك، فلماذا لا تُبادر إلى المطالبة بإستعادة رعاياها في عودة «كريمة وآمنة»؟. أما أن تنتظر دمشق أن تحاورها بيروت، رسمياً، حول هذا الموضوع فنحن نعرف، والجميع يعرفون، أنّ الإنقسام العمودي الحاد في لبنان، حول كلّ شيء، بما فيه الموقف من القيادة السورية، لا يسمح بقرار لبناني موحّد. ولكنّ الأطراف الرسمية اللبنانية، من أمنيين ووزراء وسواهم، على تواصل دائم مع نُظرائهم في سوريا وأيضاً مع قيادات عُليا. وهذا يُفترض أن يكون كافياً.
ثانياً- لن نُسهب في الكلام على العبء الإقتصادي – الإجتماعي الكبير الذي يتحمّله لبنان جرّاء النزوح السوري، وهو ما لا طاقة له ولا قدرة عليه. ما يستدعي حلّاً أسرع من سريع لهذا النزوح، أقلّه من أجل الإخوة السوريين أنفسهم وهم في معاناة كبيرة في المخيّمات وأيضاً في وضع إنساني بائس.
ثالثاً- إننا نرى ونقدّر أنّ المسألة ليست في قرار لبناني، ولا هي في قرار سوري، إنما هي في قرار دولي وأممي أيضاً. وفي هذا السياق، بإمكان المنظّمات الدولية التي تُقدّم مساعدات للنازحين أن تُعيدهم إلى مناطق آمنة في بلدهم وتواصل مدّهم بهذه المساعدات إلى حين يستقرّ الوضع بشكل نهائي.
رابعاً- أخيراً وليس آخراً، لم يعد جائزاً التعامل مع هذا الملف وكأنه مُستعصٍ على الحلّ. من هنا ليُؤذن لنا أن نشكك في نيات وأهداف المجتمع الدولي الظالم، دولاً ومنظّمات، الذي يتشدّق بحقوق الإنسان كذباً ورياءً ونفاقاّ.