بعيداً من الشق الانساني لأزمة النزوح السوري الى لبنان وبعيداً من الظروف القاهرة التي يواجهها النازحون السوريون، تبيّن الوقائع وجود أكثر من 1,5 مليون نازح سوري على الاراضي اللبنانية، استوطن معظمهم، وأسّس لنفسه مصالح واعمال تجارية، بينما تشغل النسبة المتبقية منهم وظائف في مؤسسات لبنانية لتحلّ مكان العامل اللبناني.
تغلغل السوريون في القطاعات الانتاجية اللبنانية كافة، ورغم أصوات القيّمين على القطاعات الاقتصادية المطالِبة بوقف منافسة السوريين غير الشرعية، إلا ان تلك القطاعات هي نفسها من فتحت أبوابها للعمالة السورية ووظفتها كبديل عن العمالة اللبنانية التي كان مصيرها التسريح مقابل توفير 100 أو 200 دولار شهرياً.
ورغم ان قانون العمل اللبناني واضح من ناحية تحديد المهن التي يحق للعمال الاجانب ممارستها، إلا ان الدولة غافلة عن آلاف المؤسسات السورية غير الشرعية التي تمارس عملها علناً من دون حسيب أو رقيب.
تكثر الامثلة حول مهن يمارسها السوريون كالحلاقة، والنجارة، والسنكرية وغيرها بالاضافة الى من شرع في تأسيس مصانع ومحلات تجارية، ومن اتخذ لنفسه مهنة السائق العام، الى حدّ وصول الامر الى فتح عيادات طبيّة وصيدليات سورية.
فقد داهمت وزارة الصحة مؤخراً مركز العيادات التخصصية في بحنين، حيث تبين انّ صيدلياً غير لبناني يديره، وتمّ ضبط 600 صنف دواء سوري مهرّب وتخطّت الكمية 2700 علبة دواء.
مؤسسات تجارية
في هذا الاطار، أكد رئيس غرفة بيروت وجبل لبنان محمد شقير لـ«الجمهورية» وجود آلاف المؤسسات التجارية السورية غير الشرعية، في كافة القطاعات الاقتصادية والانتاجية. وقال: في قطاع الطباعة على سبيل المثال، هناك اكثر من 50 مطبعة سورية غير مرخصة.
وفيما وصف شقير الوضع بالكارثي، اشار الى ان المؤسسات اللبنانية بدأت تشعر بثقل هذه المنافسة السورية غير الشرعية، مما ادّى الى انهيار بعض المؤسسات اللبنانية الشرعية، «في حين حذرنا منذ 3 سنوات من هذا الموضوع لكن لم نشهد أي تحرّك جدّي في هذا الشأن من قبل الحكومات المتعاقبة».
وشدّد على «اننا لسنا ضد المؤسسات السورية الشرعية بل نحن نرحب بها، وانما نطالب بمنع المؤسسات غير الشرعية التي لا يمكن للمؤسسات اللبنانية منافستها اذ ان الاولى لا تدفع الضرائب والرسوم المتوجبة والضمان الاجتماعي».
ختم شقير قائلا: في ظلّ الوضع الاقتصادي المتدهور، ومنافسة المؤسسات غير الشرعية وظاهرة التهريب القائم عبر المرفأ وعبر الحدود السورية، يتّجه عدد المؤسسات الشرعية الى التراجع بينما توسّع المؤسسات السورية غير الشرعية أعمالها ويزداد عددها يوماً بعد يوم.
النقل العام
من جهته، كشف رئيس الاتحاد العام لنقابات السائقين وعمال النقل في لبنان مروان فياض لـ«الجمهورية»، انه بالنسبة للسيارات العمومية Taxi، من اصل 33000 سيارة هناك 25000 سائق سوري، ومن أصل 4000 mini bus غير المزوّر هناك 2800 سائق سوري، ومن اصل 2800 autobus هناك 2400 سائق سوري يعملون على تلك المركبات بشكل غير شرعي، مشيرا الى ان 95% من سائقي مركبات الشحن والصهاريج هم سوريون.
وكان فياض قد سلم امس مذكرة الى وزير العمل تضمنت مطالب الاتحاد، أبرزها منع منافسة السائقين السوريين للسائقين اللبنانيين، والتشدد في تطبيق القانون على سائقي الفانات والشاحنات، والتعامل بالمثل ضمن المعاهدات الموقعة بين الدول.
وطالب الوزير بتفعيل تفتيش الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، لأن المشكلة تكمن هناك، حيث ان قوى الامن الداخلي تقوم بتوقيف كلّ سيارة نقل عام لبنانية يعمل عليها سائق سوري وترفع تقريرها الى صندوق الضمان الاجتماعي لكي يعمد جهاز التفتيش في الصندوق الى ملاحقة صاحب السيارة اللبناني ووقف ضمانه الاجتماعي، «إلا ان التفتيش لا يقوم بواجبه ولا تزال تلك السيارات شغّالة».
ولفت فياض الى ان تطبيق القانون لا يتم إلا في المناطق الممتدة من المتحف الى البترون، كاشفاً عن وجود «بؤر أمنية هي مناطق بعلبك، الهرمل، صيدا، صور، الضاحية الجنوبية، النبطية، وعكار». كما قال فياض انه طلب من الوزير رفع ضبط السير للسائق السوري العمومي من 250 ألف ليرة الى مليونين و500 الف ليرة.
واوضح ان اصحاب المركبات العمومية يوظفون السائق السوري براتب 500- 600 دولار شهرياً ليعمل ليلاً نهاراً، في حين ان السائق اللبناني يتقاضى راتب 1500 دولار ويطبق القانون اللبناني من حيث عدد ساعات العمل ويحظى بضمان اجتماعي.
في الختام، اعلن فياض ان الاتحاد العام لنقابات السائقين وعمال النقل يحضر لتظاهرة كبيرة والنزول الى الشارع اواخر الشهر الحالي في حال لم تتم الاستجابة لمطالبه ومنع منافسة السائقين السوريين.
زراعة
لا تستثني المنافسة السورية غير الشرعية، القطاع الزراعي حيث أكد رئيس جمعية المزارعين في لبنان انطوان الحويك لـ«الجمهورية» ان كميات الخضار والفواكه المهربة من سوريا تغرق الأسواق اللبنانية وتتسبب بتخفيض أسعار المنتجات اللبنانية «ورغم مطالباتنا العديدة لضبط الحدود، إلا ان التهريب ما زال قائماً ولا من رادع امامه».
واوضح ان كلفة الإنتاج السوري تقلّ بحوالي 50 في المئة من كلفة الإنتاج اللبناني وهناك فائض كبير في الإنتاج السوري بسبب الحرب في سوريا، مما يجعل اسعار المنتجات الزراعية السورية أقلّ بكثير من نظيرتها اللبنانية.