بدل ان تخف موجة النزوح السوري بسبب التهديدات بالحرب الشاملة، يؤكد المتابعون لملف النزوح ان توافد نازحين جدد الى لبنان لم يتوقف، بل على العكس تضاعفت وتيرته في الأسابيع الأخيرة باستغلال الانشغالات الرسمية بالحرب التي تقرع على الأبواب. اذ تتحدث مصادر مطلعة عن موجة نزوح اقتصادية جديدة بدأت تظهر معالمها في مناطق معينة، الأمر الذي سيزيد الضغوط والأعباء على الداخل اللبناني في حال وقعت الحرب.
المفارقة كما تقول المصادر تكمن في الاستسلام اللبناني في التعامل مع هذا الملف الخطير، فحكومة تصريف الاعمال ترفع الصوت وتضع الخطط التي تبقى من دون تطبيق، حيث ناقشت بالأمس ما سمته “تيويم” الاجراءات والخطوات المتعلقة بالملف، بدمج خطتها وتوصية مجلس النواب، بعد المعلومات عن تقليص الدعم الدولي للنازحين في مجالات الصحة والتعليم، وتبدل الموقف بمساعدة لبنان.
لا يختلف اثنان على ان الحرب على جبهة الجنوب حجبت الاهتمام بملف النازحين الذي لم يعد يتصدر الأولويات، على الرغم من كونه ملفا خطيرا او قنبلة موقوتة ستنفجر في حال وقوع حرب.
قبل اشتداد الاعتداءات “الاسرائيلية” اقفل الملف على جدل عقيم حول تسليم “الداتا” بين مفوضية اللاجئين وجهات حكومية، انتهت الى قرار اتخذ على مستويات لتشكيل “داتا” خاصة من قبل الامن العام لضبط النزوح ، وكان الملف شهد تقلبات عدة على خلفية رفض المفوضية تسليم لبنان “داتا” النزوح كاملة، فبرز تهديد او توجه لدى المفوضية لاجراءات تقشف مالي وتخفيض موازنتها العام المقبل، لتخفيف الدعم المالي للنازحين، الأمر الذي سبب انزعاجا لبنانيا كونه سينعكس سلبا على النازحين وأوضاعهم في البلد المضيف.
الخلاف بين لبنان الرسمي والمفوضية ليس وليد الساعة، فالأزمة نشأت بعد الحرب السورية اذ يتهم لبنان المفوضية بتجاهل مطالبه، والانحياز الى تنفيذ قرارات ورغبة الدول الاوروبية على حساب الدولة اللبنانية، فما يهم الغرب فقط هو منع انتقال النازحين الى أوروبا ووقف تدفقهم اليها عبر المعابر.
سجل مؤخرا تجدد موجة النزوح، على الرغم من اضرار نزوح عائلات سورية من الجنوب، لكن المفارقة كما تقول المصادر ان النازحين لا يبدون رغبة بالعودة الى بلادهم، وهذا الأمر يشكل عبئا إضافيا في حال نشوب حرب كبرى. فلبنان أصلا لم يعد يحتمل عدد النازحين المقيمين على أرضه ، فهناك أكثر من مليونين ونصف مليون سوري وفق الاحصاءات التقريبية، وهي نسبة كبيرة مقارنة مع عدد سكان لبنان، واحتمال اندلاع حرب واسعة يطرح اشكالية كبيرة في تأمين الغذاء والمحروقات والاستشفاء، حيث لفت بيان المستشفيات بعدم علاج مصابي الحرب من النازحين السوريين على عاتق وزارة الصحة.
لبنان يعاني أزمات حادة على كافة المستويات ، ولا يحتمل اي خضة يتسبب بها ضغط ملف النزوح. وثمة من يسأل عن ضمانات تمنع انفجار الأزمة في حال حصول عدوان إسرائيلي، واذا تفلت الملف من سيوقف تدفق النازحين وتسللهم عبر البحر الى الدول الأوروبية في المستقبل؟
وعليه تؤكد المصادر ان لا حل راهنا إلا بإلزام المفوضية تطبيق ورقة التفاهم الموقعة عام ٢٠٠٣ مع مديرية الأمن العام، وتسليم البيانات واتخاذ موقف حازم من المجتمع الدولي، بدل المسايرة والتلطي وراء الخوف من المشاكل معه.