IMLebanon

عن الضيافة والنزوح: ماذا لو طالت الحرب؟

 

إن اضطرار أبناء الوطن الى ترك مناطقهم وبيوتهم وممتلكاتهم وأبواب رزقهم يطرح مسألة النزوح السوري من جديد، ولكن بإلحاح شديد، ما يؤدي الى خلاصة واحدة تستوجب قراراً واحداً لا بديل عنه في المعايير كلها: يجب عودة النازحين السوريين الى بلدهم في السرعة القصوى، ولا مجال لأي مبرّرات لبقائهم في هذا الوطن المنكوب. وعمرها لم تكن قاعدة «الأقربون أولى بالمعروف» تفرض ذاتها كما هي اليوم. وما عودة أكثر من ثلاث مئة ألف سوري الى بلدهم في الأسابيع الأخيرة إلّا الدليل القاطع على سقوط الأعذار كلها التي يتذرع بها البعض، إن في الداخل أو في الخارج ولا سيما على مستوى الأمم المتحدة ومنظماتها ذات الصلة، وبالأخص جماعات الاتحاد الأوروبي.

 

أجل! إن تلك الأعذار والحجج الواهية لا يجوز أن تُبقي على هذا النزوح الذي لم يعد له أي أساس ثابت أو ركيزة. فمئات آلاف السوريين الذين عادوا الى الداخل السوري لم يُسَجّل أن أياً منهم تعرض لمضايقة من أي نوع كانت من قِبَل النظام، وهذه حقيقة واضحة لا تقبل أي انكار.

 

وهذا الكلام يصح في المطلق، فكم بالحري، اليوم، بينما يواصل العدو الإسرائيلي إجرامه ودفع المزيد من اللبنانيين الى مغادرة أهالي الجنوب والبقاع بمناطقه كافة، وأيضاً أهالي الضاحية الجنوبية، باتجاه سائر المناطق اللبنانية ليحلوا ضيوفاً كراماً على مراكز الإيواء والمنازل، وبعضهم لا يجدون المأوى إلّا في العراء، فيفترشون الأرض ويلتحفون بأديم السماء… علماً أننا مقبلون على فصل الشتاء ما سيفاقم من الأزمة، في وقت تبدو الإمكانات دون المطلوب.

 

لذلك نرى أن المطلوب وقفة لبنانية واحدة، أو في الأصح ترجمة الوقفة اللبنانية الواحدة المفترَض أنها متّخَذة في مجلس الوزراء منذ أشهر…

 

ومن نافل القول أن نكرّر ذاتنا بأن سوريا باتت أفضل أماناً من لبنان بكثير، ومع أن النظام السوري تعهد بتوفير الأمان والسلامة للذين سيعودون من لبنان (وبلدان النزوح الأخرى) وقد أثبت التزامه هذا التعهّدَ، وبما أن النازحين السوريين قسمان مع النظام وضدّه، أي إن الأماكن الآمنة متوافرة لهم جميعاً… فإن استمرار وجودهم في لبنان لم يعد مقبولاً بأي شكل من الأشكال، وأيّاً يكن موقف المنافقين في الاتحاد الأوروبي وبعض المنظمات الأممية، فمن واجب الحكومة وسائر المسؤولين أن «يخترعوا» الطرق التي تؤمّن العودة الآمنة والكريمة (واتركونا من الكذبة التي اسمها العودة الطوعية)… وهذا واجب أكثر من ضروري، وأن نلتفت الى ضيوف الداخل، وهذا أضعف الإيمان، لاسيما أن هذه الحرب الملعونة، حرب العدو الإسرائيلي على لبنان، قد تطول بأهوالها وتداعياتها.