Site icon IMLebanon

رسالة تحذيرية إلى مسؤول دولي

 

 

مع الشغور الرئاسي او عدمه، مع اجتماع حكومة تصريف الأعمال او عدمه.. فإنّ النزوح السوري يبقى التحدّي الداهم والثابت، بكل ما ينطوي عليه من مخاطر وتهديدات.

أما وانّ هذا الملف يضغط بقوة على مفاصل الدولة المتداعية، ويشكّل قنبلة موقوتة آيلة الى الانفجار في اي وقت، فقد فُتح على مصراعيه خلال الاجتماعات التي عُقدت بين المسؤولين اللبنانيين، والمفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، أثناء زيارته الأخيرة الى بيروت.

 

غابت المجاملات عن لقاءات غراندي، الذي سمع ممن التقاهم تحذيراً واضحاً، وإن بلهجة هادئة نسبياً، من انّ طريقة مقاربة المجتمع الدولي لأزمة النزوح تنذر بعواقب وخيمة وتلقائية، سيكون لبنان عاجزاً عن احتوائها متى انطلقت شرارتها.

 

وقد قيل لغراندي بصراحة، انّه «وإزاء رفض المجتمع الدولي تسهيل العودة، وقراره بخفض المساعدات المالية المخصّصة للنازحين، ومعارضته فتح الحدود طوعاً امام المهاجرين السوريين، فإنّه بذلك لم يترك في الخدمة سوى خيار وحيد، وهو تدفق السوريين من لبنان إلى أوروبا عبر ممرات الهجرة غير الشرعية التي ربما يعتمدها أيضاً سوريون في العالم العربي سيأتون الى المخيمات عندنا حتى يلتحقوا بطوابير الهجرة التي لن نكون قادرين على لجمها، بمعزل عن موقفنا المبدئي باحترام القانون الدولي».

 

وعُلم انّ احد المسؤولين اشتكى أمام غراندي من سلوك ممثل مفوضية اللاجئين في لبنان أياكي إيتو، خصوصاً لناحية ميله نحو منحى الدمج، خلافاً لموقف غراندي الذي تمّت مطالبته بتوحيد خطاب المفوضية، حتى لا تبقى هناك فوارق بين ادبيات المركز في الأمم المتحدة والفرع في بيروت.

 

وتبلّغ غراندي الرفض الرسمي التام لأي شكل من أشكال دمج النازحين في المجتمع اللبناني، فيما أكّد له وزير الشؤون الاجتماعية هيكتور حجار، الإصرار على تكريس مبدأ العودة كخيار استراتيجي حصري لا بديل عنه، «ومن لا يستطيع الرجوع إلى بلده، عليه ان يختار بلداً رديفاً».

 

وأبلغ حجار إلى غراندي، انّه «ما دام انّ الاوروبيين لا يساعدوننا في تفعيل العودة الطوعية إلى سوريا، وما دام انّهم قرّروا خفض منسوب الدعم المادي للنازحين، فإنّ عليهم في المقابل توسيع هامش الاستقبال في الدول الرديفة. إذ لا يجوز قبول 1 في المئة فقط من الذين قدّموا طلبات انتقال إلى أوروبا، اي ما نسبته 7299 نازحاً، والمطلوب رفع النسبة الى 10 او 15 في المئة».

 

ولفت حجار انتباه المسؤول الدولي، إلى أنّ نسبة الجريمة في لبنان ارتفعت بسبب الأوضاع الاقتصادية ووجود النازحين «ولا بدّ في مواجهة هذا الواقع من إيجاد خلية أزمة مشتركة ومرنة، تسمح لنا بالتحرك معاً وعلى نحو منسق، للتعامل مع أي حالة مستجدة ومعالجتها، بدل ان ينشط كل منا بمفرده».

 

وتفادياً للتداعيات المرتقبة، إذا لم تتحمّل الجهات الدولية مسؤوليتها، اقترح حجار على غراندي مساندة لبنان في إنجاح استراتيجية العودة، تحرك مفوضية اللاجئين على المسارين الأوروبي والسوري للدفع في هذا الاتجاه، وتأمين هبات لدعم بعض القطاعات الحيوية في سوريا، مثل المياه والكهرباء، من أجل تحفيز النازحين على العودة إلى قراهم.

 

وتفيد المعلومات، انّ غراندي كان متفهماً جدا للطرح اللبناني، وبدا مقتنعاً بأنّ لا حل لمعضلة النازحين الّا بالعودة وليس بالدمج. لكنه تمنّى على الجانب اللبناني اعتماد خطاب هادئ لتخفيف التشنج والاحتقان، فتمّ التجاوب معه، انما على قاعدة ان يكون هناك تفهم لدى مفوضية اللاجئين لوضع لبنان ومطالبه «وإن غيّرتم غيّرنا».

 

ولئن كان مضيفو غراندي قد أبدوا ارتياحاً مبدئياً إلى مقاربته، الّا انّهم اعتبروا انّ المحك الأساسي يكمن في ترجمة القول إلى فعل، وتقيّد ممثلي المفوضية في لبنان بالسياسات التي ينتهجها غراندي.