Site icon IMLebanon

النزوح: ذروة الأزمة

 

 

لا مبالغة، إطلاقاً، في أن أزمة النزوح السوري إلى لبنان باتت تشكّل خطراً جدّياً موصوفاً على هذا البلد المغلوب على أمره، من دون أن تتوافر ظروف الحياة الكريمة للإخوة النازحين السوريين. بداية أود أن أشير إلى أن التعامل مع هذا الملف بدأ خاطئاً بسبب توظيفه في السياسة، جرّاء المزايدات في اللعبة السياسية الداخلية، وعندما توقفنا عن اللعب، متأخرين جداً، (هل توقفنا فعلاً؟!) اكتشفنا كم أننا أدخلنا لبنان في متاهة لا ندّعي أنه يستحيل عليه الخروج منها، ولكننا نزعم أن القرار الدولي/ الأممي يفرض علينا عدم الخروج ويصل إلى حدّ التلويح علينا بالعقوبات. ومَن لا يرى هذا القرار هو أحد اثنين: جاهل هو، وإما هو مكابر، ولا نريد أن نضيف: أو متواطئ.

 

وأغتنمها مناسبة لأذكر بعضاً من التجربة الشخصية، فأبدأ بأنني كنت مسهماً (متطوعاً، لوجه الله وبالاقتناع) في جانب من النشاط الإنساني لإحدى الهيئات الأممية، وبعد سنتين انسحبتُ إذ تبين لي، يقيناً، أن تجنيس النازحين، بعد دمجهم كلّياً في المجتمع اللبناني، هو قرار عالمي كبير. (وأكتفي، الآن، بهذا القدر). ثم أعرف قرية صغيرة في الشمال اللبناني أُنشئ في ضاحيتها مخيّمُ نزوحٍ، سجلتْ، في سنة واحدة، نحو 300 ولادة طفل في ذاك المخيم مقابل ولادة فقط ثلاثة أطفال من أبناء تلك القرية. وعلى صعيد شخصي فإنني أسكنتُ في غرفتين ملحقتين بمنزلي حارساً من النازحين لاضطراري إلى الإقامة في العاصمة، مهمته الحراسة والاهتمام بالحديقة، وفي السنة الرابعة كان قد تزوج وأنجب ثلاثة أولاد والزوجة حامل بالرابع.

 

هذا كله، على أهميته، يبقى ثانوياً، أمام تداعيات النزوح التي أُشير سريعاً إلى بعضها:

 

* ازدياد الجريمة الفردية والمنظمة في لبنان والنسبة المرتفعة لمشاركة نازحين فيها.

 

* اكتظاظ السجون بأعداد من النازحين.

 

* التلوث البيئي ودور نمط الحياة في المخيمات كأوضاع الصرف الصحي فيه… (اقرأوا تقرير هيئة الليطاني).

 

* حساسية العلاقة بين النازحين والأهالي (عرسال وأيضاً القاع مثالاً).

 

* تفشي الكوليرا في بعض مخيمات النزوح.

 

* العدد الذي تجاوز المليونين من النازحين في لبنان (تصريح مدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم)…

 

وبعد، إن العودة الآمنة والطوعية ليست فقط ضرورية إنما هي واجب وطني وقومي واقتصادي وبيئي وإنساني… فمتى يستيقظ الضمير خصوصاً لدى المنظمات والهيئات الأممية والدولية، واللبنانية طبعاً؟!.