الأمن العام نظم عودة للنازحين قبل شهرين… والضغط الخارجي يؤخرها
اعاد مقتل منسق حزب “القوات اللبنانية” في جبيل باسكال سليمان ملف النازحين السوريين الى الواجهة، وهو مفتوح منذ بدء الاحداث في سوريا قبل 13 سنة، ولم يلق الحلول له، بسبب رفض الدول الاوروبية وغيرها عودتهم الى سوريا، ومنع مغادرتهم لبنان الى الخارج. وهذا ما اعترف به مسؤولون لبنانيون منذ سنوات وحتى الامس القريب، من ان الاتحاد الاوروبي في غالبية اعضائه يصر على بقاء النازحين السوريين في اماكن لجوئهم في الدول المجاورة لتركيا والاردن ولبنان، وهو لا يمول المساعدات لهم في بلدهم الذي يعتبرونه غير آمن، في الوقت الذي بدأ النازحين يشكلون عبئاً ديموغرافياً وامنياً ومالياً واقتصادياً واجتماعياً على دول النزوح.
فمنذ اختطاف سليمان، تمكنت مخابرات الجيش من كشف الخاطفين واعتقلت بعضاً منهم، الذين ارشدوا الاجهزة الامنية الى مكان التوجه بالمخطوف، الذي تبين انه قتل بضربة على رأسه تسببت له بنزيف ادى الى وفاته وفق التقرير الامني، الذي كشف عن عصابة لسرقة السيارات، وان سبب الخطف هو السرقة، وهذه حالة موجودة في لبنان منذ عقود وفي دول اخرى، ولا تقصّر القوى الامنية في تعقب المجرمين في كل المجالات، من اعتقالهم والتحقيق معهم واحالتهم الى القضاء. وقد زاد النزوح السوري من العبء الامني، اذ سجل توقيف نحو 5731 سورياً خلال عام، فاكتظت السجون بهم وباتوا يشكلون نحو 38% من السجناء، التي لم تعد السجون تتسع للنازحين السوريين وغيرهم.
وضعت خطط واقتراحات لمعالجة النزوح ، لكن القرار السياسي اللبناني لم يكن موحداً، بسبب نظرة كل فريق سياسي لبناني للازمة السورية وفقاً لمصالحه السياسية والطائفية والمذهبية، والارتباط بمشاريع خارجية، ورحب فريق لبناني يدّعي “السيادة” بالنزوح السوري، ونظر اليه على انه مساندة “للثوار” بوجه النظام السوري وضرورة اسقاط الرئيس بشار الاسد، ويتذكر اللبنانيون جولات نواب من “قوى 14 آذار” لاماكن النازحين السوريين لا سيما في عرسال، التي اختطفها “الثوار” من تنظيمي “داعش” و “جبهة النصرة”، وارتكبوا جرائم وخطف منهم عسكريين، وفق ما يذكّر مصدر حزبي في الخط المقاوم، الذي يكشف عما كان يعلنه قادة من الفريق “السيادي” بانهم يرفضون عودة النازحين السوريين، ليقتلهم النظام السوري الذي ظن بعضهم بانه سيسقط فوراً، كما حصل في تونس ومصر وليبيا، التي تمت الاطاحة بانظمتها وسيطر على السلطة فيها “الاخوان المسلمون”، وهو ما رحب به رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع واعلن “فليحكم الاخوان”، الذين تحركوا بقرار اميركي وفق اعترافات وزيرة الخارجية الاميركية السابقة هيلاري كلينتون في مذكراتها.
من هنا، فان قضية النزوح السوري الذي حصل بعد الاحداث في سوريا، باتت تقلق اللبنانيين كما دول الجوار، حيث تسجل في تركيا حوادث دموية تصل الى القتل، وهو لا يغيب عن الاردن، وهو ما بدأت تشكو منه قبرص التي زار رئيسها نيكوس خريستو دوليدس لبنان ليوم واحد، وتزامنت زيارته مع حدث امني، اذ اعرب الرئيس القبرصي امام الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي عن قلقه من الهجرة غير الشرعية التي تتم من لبنان، الذي يشكو هو ايضاً من التسلل غير الشرعي اليه من خلال عصابات تقوم بتجارة البشر، وهي ظاهرة تحصل في كل انحاء العالم واكثر الهجرات تحصل لاسباب امنية واقتصادية.
فالقوى السياسية اللبنانية مختلفة على شكل العودة طوعية او أمنية، فالفريق المناهض للنظام السوري شدد على العودة الطوعية، ودعا “التيار الوطني الحر” للعودة الآمنة، لان اسباب النزوح كانت بسبب الحرب في سوريا، حيث انتفت الاسباب مع سيطرة الدولة السورية على مساحات واسعة في سوريا، ويمكن للنازحين العودة اليها، وتساعدهم هناك الدول المانحة التي اغرت لبنان بالمساعدات ايضاً لقبول النازحين السوريين، الذين توزعوا على نحو 2500 مخيم نزوح، اضافة الى اماكن سكنية.
والمبادرة الوحيدة لعودة النازحين، قامت بها المديرية العامة للامن العام برئاسة اللواء عباس ابراهيم، حيث سجل عودة نحو 800 الف نازح، ولم تتوقف مع المدير العام الحالي للمديرية اللواء الياس البيسري، اذ تستمر العودة عبرها وكان آخرها منذ شهرين، وفق مصدر مسؤول في الامن العام، الذي اشار الى ان المديرية وضعت خطة مدروسة للتخفيف من النزوح على مراحل، لكن كانت تواجه بعدم توافق سياسي لبنان ورفض دولي، حيث كان لبنان يتعرض لضغوط خارجية لابقاء النازحين السوريين فيه.
وتعاطت مع ملف النازحين وزارتا الشؤون الاجتماعية والمهجرين اضافة الى احزاب، منها حزب الله الذي كلف النائب السابق نوار الساحلي به، وكذلك فعل “التيار الوطني الحر” الذي اقام مؤتمراً لعودة النازحين، الا ان كل هذه المحاولات تتقدم بحل ازمة مليوني ومئة الف نازح، وفق تقرير للامن العام قبل حوالى العامين، وقد ازداد العدد منذ الصيف الماضي تحت عنوان “نزوح اقتصادي”، بسبب الازمة الاقتصادية في سوريا نتيجة الحرب و “قانون قيصر” الذي فرضته اميركا.
فالتعاون اللبناني ـ السوري بعودة النازحين لا ازمة فيه، وهو ما اكده المسؤولون اللبنانيون الذين زاروا وتواصلوا مع سوريا، ومنهم وزير المهجرين عصام شرف الدين الذي وضع اقتراحات تسهل عملية العودة، وكلفه مجلس الوزراء ان يستمر في مهامه مع القيادة السورية، التي لم تبد الا كل الدعم لعودة مواطنيها، وهذا ما لمسه وزير الخارجية عبدالله بوحبيب ايضاً، وكذلك وزير الشؤون الاجتماعية هيكتور حجار، الذي كشف عن ان دولاً اوروبية ترفض مساعدة لبنان بعودة النازحين الذين تراجعت المساعدات لنحو 35 الف عائلة، وسيشكلون عبئاً اضافياً على لبنان الذي لا يواجه ملف النزوح بمسؤولية، ويتماهى مسؤولون فيه مع الضغوط الخارجية التي تخطط ان يبقى هؤلاء في لبنان، اذ سيصبح عددهم يوازي عدد اللبنانيين بعد نحو اقل من عشر سنوات.