بات ملف النزوح السوري الشغل الشاغل للحكومة اللبنانية والمرجعيات السياسية والاحزاب، بعدما بات يتحرّك بقوة في الداخل والخارج وعلى كل المستويات، ضمن عنوان واحد هو إيجاد الحل النهائي لهذا الملف، الذي شغل لبنان على مدى 13 عاماً منذ بدء الازمة السورية ودخول النازحين الى لبنان.
ومما ساهم في تسريع الحراك وتصاعد الحملات على هذه القضية، المساعدة الاوروبية التي وعد بها الاتحاد الاوروبي قبل ايام، اي المليار يورو التي اعتبرها العديد من السياسيين وخصوصاً المعارضين، أنها رشوة ستقدّم الى المسؤولين لبقاء النازحين في لبنان، بما معناه التوطين المبطّن، لذا توالت الدعوات والمؤتمرات والطاولات المستديرة، لبحث خبايا تلك الرشوة بحسب ما وصفها كثيرون.
الى ذلك كان لافتاً اللقاء الذي عقد بعد ظهر الخميس امس الاول في بكركي، بدعوة من المركز الماروني للأبحاث والتوثيق، وبرئاسة البطريرك الماروني بشارة الراعي، حضره وزراء ابرزهم وزير الداخلية بسام مولوي، ممثلاً رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، كذلك قائد الجيش العماد جوزف عون، إضافة الى ممثلين عن قادة الأجهزة الأمنية، وأعضاء لجان استشارية وقانونية ودستورية في الصرح البطريركي، على ان تواصل بكركي هذه الاجتماعات، وصولاً الى جمع ملف كامل عن هذه القضية، ومن ثم مناقشته مع سفراء دول الاتحاد الأوروبي.
هذا اللقاء الذي بقيت مباحثاته نوعاً ما بعيدة عن الاضواء، في انتظار انعقاد الاجتماعات الاخرى التي ستظهر لاحقاً في العلن، عرض الوقائع والمخاطر والأعباء الاقتصادية والاجتماعية والعوائق وسبل تجاوزها، وصولاً الى الحل النهائي.
وفي هذا الاطار أشار مصدر كنسي لـ “الديار” الى وجود معالجة جديّة من قبل السلطة لحل هذه القضية، والى انّ القرارات المطلوبة ستتخذ قريباً وسوف تطبق الإجراءات اللازمة، واولى قوافل العودة الطوعية للنازحين ستبدأ يوم الثلاثاء المقبل وتضم الفي نازح، بحسب ما افاد احد الوزراء خلال الاجتماع، على ان تليها قافلة ثانية بعد اسبوع، وقال: “العمل قائم على كل المستويات لكن المهم ضبط الحدود، والاجتماع الأول حقق أهدافه وحوّل الملف الى قضية وطنية أجمع عليها اللبنانيون”، مذكّراً بعظة البطريرك الراعي يوم الاحد الماضي، التي شدّد خلالها على ضرورة توحيد الكلمة في قضية تأمين عودة النازحين الى بلادهم، وعدم الرضوخ للضغوط الأوروبية، لافتاً الى انّ الاجتماع الوزاري- الامني الذي عقد في الصرح، ستصدر عنه توصيات مرتقبة ستضع النقاط على الحروف، وأنّ المواجهة مستمرة والمطالبة بالحل أتت بقرار لبناني جامع”.
في غضون ذلك، جمع هذا الملف الاحزاب المتناحرة ضمن موقف واحد، وخصوصاً المسيحية، لانّ الكل يعمل ضمن حراك على الارض وفي الخارج للوصول الى حلول، بعد التداعيات الاخيرة التي ظهرت وخصوصاً المخاوف من رشوة المليار يورو، التي اطلقت العنان لتفسيرات وتأويلات كثيرة، على الرغم من نفيها من قبل بعض المرجعيات، لكن ما زالت ضمن شكوك ومخاوف وهواجس اللبنانيين، من ان يكون بعض السياسيين قد باع الوطن مقابل حفنة من العملة الغربية، للقبول بواقع مرير يدفع باللبنانيين الى الهجرة، وبالنازحين السوريين الى البقاء في لبنان.
ومن التدابير العامة التي تسجّل، يبدو عمل المديرية العامة للأمن العام قائماً بقوة، من ناحية تنفيذ سلسلة اجراءات، حيال الوجود غير الشرعي للنازحين في مختلف المناطق اللبنانية، كما أثار حراك الاحزاب المسيحية في بعض العواصم الغربية خصوصاً واشنطن تقدماً في تسريع الملف، بالتزامن مع جولة وفد من النواب المعارضين طارحين هذه المشكلة وتداعياتها على لبنان منذ العام 2011، ومدى الخطورة التي يتعرّض لها لبنان وشعبه منذ فترة، بعد حصول عدد من الجرائم نفذها سوريون ينتمون الى عصابات سرقة، الامر الذي ادى الى مشاكل يومية نتج منها قتلى وجرحى، مما ساهم في حصول تفهّم غربي لما يعاني منه لبنان، جرّاء هذا التمادي في عدم ضبط الحدود ودخول هذا الكم الهائل من النازحين، وسط فوضى عارمة يجب ان تنتهي.