Site icon IMLebanon

الاستعصاء الرئاسي يدفع ملف النزوح الى الواجهة: هل يستخدم لبنان سلاحه الثقيل؟ 

 

 

لا معطيات جديدة او معلومات خطيرة دفعت بملف النزوح السوري الى واجهة الاهتمام اللبناني في الايام الماضية. فموجة النزوح الثانية مستمرة منذ اكثر من شهرين الا ان العنصر الذي جعل كل الاضواء تسلط مجددا على هذا الملف هو الاستعصاء الذي يشهده ملف رئاسة الجمهورية وتراجع زخم المبادرات ما يؤدي الى نوع من الفراغ السياسي ارتأى المسؤولون اللبنانيون ان يملؤوه بالتحذير من مخاطر النزوح وهي مخاطر قائمة منذ سنوات لم يحرك هؤلاء ساكنا لدرئها.

 

في أيار الماضي شغل هذا الملف اللبنانيين ايضا لاسابيع قبل ان يتلاشى الاهتمام فيه مع طرق الموسم السياحي الابواب وحلول الموفد الفرنسي جان ايف لودريان ومبادرة رئيس المجلس النيابي نبيه بري مواد تسلية سياسية، لم تعمّر هي الاخرى كثيرا. خلال تلك الفترة لم تكن مخاطر النزوح أقل مما هي عليه اليوم ولا التهديد الديموغرافي للتركيبة اللبنانية والذي نبه اليه وزير الداخلية مؤخرا كان أقل وطأة مما هو عليه الآن.

 

ويقول مصدر مواكب عن كثب لملف النزوح ان “ما حرك الملف كثيرا في الايام الماضية هو ادراك حجم القدرات المحدودة للتصدي للموجة الثانية من النزوح والتي هي بامتياز موجة من النازحين الاقتصاديين لا الامنيين. اضف ان كل المؤشرات توحي بان الوضع الاقتصادي في سوريا من سيىء الى اسوأ ما سيفاقم اعداد هؤلاء النازحين ويهدد عمليا باغراق لبنان”. ويضيف المصدر لـ “الديار”: “اما الخوف الاكبر المتنامي فهو من التصريحات الدولية المباشرة والعلنية الرافضة لاعادة السوريين والعمل الفعلي على الارض من خلال مفوضية اللاجئين وغيرها لدمجهم في المجتمع اللبناني”.

 

ولا يبدو ان الامنيين يخشون مشروعا امنيا في لبنان ينطلق من المخيمات او من موجة النزوح الثانية، اذ يقول مصدر امني رفيع لـ “الديار”:”رغم السلاح الذي يتم ضبطه في المخيمات، لا معطيات امنية تفيد بأن هناك عملا امنيا ما يحضر للبنان. لكن ذلك لا يعني اننا لا نخشى حوادث امنية شتى مع ارتفاع نسب الجرائم بين السوريين بالتحديد”، لافتا الى ان عاملا آخر يثير القلق الا وهو ارتفاع مستوى الاحتقان بين المجتمعين اللبناني الضيف والسوري المضيف ما سيزيد من الاشكالات الامنية اليومية التي نخشى ان يتطور بعضها بشكل دراماتيكي نظرا لانتشار السلاح في بعض المخيمات”.

 

وتتهيأ الاجهزة الامنية، وعلى رأسها الجيش اللبناني لهكذا سيناريوهات، لذلك هو وبحسب المصادر، “كثّف مداهماته للمخيمات للحد قدر الامكان من انتشار السلاح بين النازحين خاصة مع ارتفاع نسب الشباب بينهم باعتبار ان العنصر الشاب يطغى على موجة النزوح الثانية”.

 

ولا شك ان لبنان يمتلك اوراقا يمكن ان يلعبها للتصدي للتلكؤ الدولي بمقاربة ملف النزوح خاصة بعدما تبين للامن العام مؤخرا ان لا حماسة على الاطلاق لدى النازحين بالعودة الى بلدهم، اذ لم تتقدم الا اعداد قليلة جدا منهم للتسجيل في رحلات العودة الطوعية التي اعيد اطلاقها قبل فترة ليتم بعدها وقفها نتيجة ارقام المسجلين المخيبة. ويقول المصدر الامني لـ “الديار” : “قسم كبير من المسجلين لم يكن يحضر يوم المغادرة ليتبين ان كثيرين يتسجلون لمجرد معرفة ما اذا كان هناك ملاحقات ضدهم في سوريا باعتبار ان الامن العام كان ينسق مسبقا مع الدولة السورية بخصوص الاشخاص الذين يرغبون بالعودة واذا كان من مذكرات توقيف ضدهم”.

 

وتعتبر المصادر انه “من الاوراق التي قد يلعبها لبنان التشدد في تسجيل الطلاب السوريين في المدارس كما التضييق على النازحين قي سوق العمل، لكنها اجراءات قد تنعكس سلبا على البلد خاصة اذا لم تحل ازمة النزوح قريبا، سواء لجهة ان العدد الاكبر من النازحين سيكونون مستقبلا من غير المتعلمين ام ان خروج كثيرين اليوم من سوق العمل سيدفع بهم الى ارتكاب جرائم سرقة وقتل وغيرها من الافعال التي يسعى لبنان الى التصدي لها بشتى الطرق”.

 

وتضيف المصادر: “وتبقى ورقة فتح الحدود البحرية لاتاحة مغادرة النازحين من لبنان باتجاه اوروبا ورقة الضغط الكبرى التي تمتلكها الدولة اللبنانية، لكن لا يبدو انها مستعدة للعبها بالوقت الراهن نظرا للعقوبات الدولية التي قد تلحق بالبلد وبمسؤولين امنيين وسياسيين كبار في حال مجازفتهم بلعب هذه الورقة لان اغراق اوروبا بالنازحين خط احمر لن يسمح به المجتمع الدولي تحت اي ظرف”.

 

بالمحصلة، لن ينفع لبنان راهنا الا اتخاذ كل الاجراءات اللازمة والتي كان يفترض اتخاذها منذ اللحظة الاولى لبدء موجات النزوح، لضبط وجود النازحين على ارضه، وعلى رأسها اعداد داتا واضحة لاعدادهم وتوزعهم، على ان يترافق ذلك مع مساع دبلوماسية مع تركيا والاردن لتشكيل نوع من اللوبي الضاغط على الدول المعنية لتسريع عملية الحل السياسي في سوريا ومعها اعادة السوريين الى بلدهم في اسرع وقت ممكن.