IMLebanon

عيد لنا وفرصة لكم فماذا ستفعلون؟

 

 

كان يجب أن يسقط عام 2011، ثم في 11 يوماً تدحرجت أحجار الدومينو السوري، وسقط النظام المستبد الذي جلب الويلات على لبنان وعلى الشعب السوري. في لحظة هروب الطاغية، أول ما تبادر إلى الذهن آلاف الشهداء والجرحى والمعتقلين الذين وقبل غيرهم يُهدى إليهم هذا اليوم العظيم. منذ السبعينيات تحولت سوريا إلى قواعد لمنظمات إرهابية من كل حدب وصوب.

 

 

كان نظام الأسد الوكيل المعتمد للإرهاب الدولي. لقد ابتز دول الخليج بالعنف والترهيب والترغيب ليحصل على المال، وتاجر بالرهائن الغربيين بالتعاون مع “حزب الله” في لبنان. المُتاجر بالعروبة، في كل المحطات المفصلية وقف مع إيران ضد مصالح العرب.

 

 

يُحكى اليوم عن دور تركي في سقوط النظام، وقبل 26 سنة تلقى الصفعة الأولى. عام 1998 هددت تركيا باجتياح مناطق سورية إذا لم يطرد حافظ الأسد زعيم حزب “العمال الكردستاني” عبدالله أوجلان، ويقفل معسكراته في سوريا ولبنان. انصاع الأسد للتهديد، لا بل وافق على “اتفاقية أضنة” المذلة، والتي منحت تركيا حق “ملاحقة الإرهابيين” في الداخل السوري حتى عمق خمس كيلومترات. وأمعنت أنقرة في إذلال الأسد الأب حين أجبرته، بموجب تلك الاتفاقية، على التخلي عن المطالبة التاريخية بـ “لواء الإسكندرون”، أو “إقليم هاتاي” بحسب التسمية التركية، وذلك بعد إقراره بأن الخلافات الحدودية بين البلدين “منتهية”. نسي بشار هذه الواقعة ودفع ثمن رفضه لقاء أردوغان. لربما كان العرض أسخى من هذا الفرار المذل.

 

 

الثامن من كانون الأول 2024، عيد ميلاد جديد للبنان، قبل أسبوعين على عيد الميلاد المجيد. في أول افتتاحية بعد عودة “نداء الوطن” كتبت أن “الآتي غير الذي كان”، وهكذا سيكون بإرادة اللبنانيين الأحرار على تنوع طوائفهم وانتماءاتهم السياسية. ولأن “الآتي غير الذي كان” صفحة السياسيين العملاء يجب أن تُطوى، وكل شعارات “محور الممانعة” يجب أن تلقى في سلة المهملات. أسماء الشوارع يجب أن يُشطب منها كل ما له بعائلة الأسد.

 

 

لقد انكسر “الهلال الشيعي” وشمس الحرية والديمقراطية وثقافة الحياة سيحجب وهجها كل الظلال الباهتة. تباشير عودة الروح إلى لبنان سبقت بأسابيع “ربيع دمشق” الذي قفز فوق خريف النظام وعاند لعقود شتاء الديكتاتورية الأسدية، ومعاً لبنان وسوريا يجب أن ينصرفا إلى ورشة البناء والسلام والتضامن الوطني القائم على المصارحة واللحاق بموكب الحضارة الإنسانية.

 

 

إن عزم اللبنانيين يمكنه أن يعوِّض بشهور ما فاتهم طيلة أكثر من نصف قرن. لقد ولى زمن تخويف الطوائف من بعضها البعض، إن لبنان يتّسع لكل أبنائه والفرصة متاحة لعودة “الابن الشاطر” ومن سيتشاطر سيزيد على خساراته خسارة. لا مكان بعد اليوم لـ “مقاومة إسلامية” ولا لـ “جمهورية إسلامية”، وبدلاً من ثلاثية “جيش وشعب ومقاومة” الخشبية لنرفع ثنائية “لبنان أولاً” ورباعية “الدين لله والوطن للجميع”.

 

 

هناك من يجب أن يحتفل وهناك من يجب أن يتلو فعل الندامة، ورغم ما نحمله من جراح الماضي لا مكان عند الشرفاء للشماتة ولا للإقصاء إلا لمن سيقصي نفسه ويريد البقاء في مستنقع الماضي الأسود. أنتم الذين تعيشون في حال إنكار الواقع الجديد بعد حربكم المدمرة، أمامكم فرصة فلا تفوتوها. ألقوا السلاح إذ كيف نصافح يداً تحمل السلاح؟ إيران وروسيا باعتا نظاماً برمّته، فاشتروا أنفسكم وعودوا إلى حضن الوطن. ألا ترون كيف نزل الشعب السوري إلى الساحات فرحاً بخلاصه؟ لا تقفلوا على أنفسكم وعلى بيئتكم، واستبدلوا فائض القوة بفائض التعقل.